يوليسيس – جيمس جويس

ديفيد بونتر


حجم الخط-+=

ترجمة: بلقيس الكثيري

رواية يوليسيس كتبها الروائي الأيرلندي جيمس جويس، ونُشر الكتاب كاملًا أول مرة في عام 1922. إنَّ الرواية عمومًا قطعة فنية نادرة في الأسلوب وظلت موضوعًا ساخنًا للعديد من جهات النقد والتحليل. وتعد نموذجًا لفن الحداثة تناظر في بنائها الروائي ملحمة هوميروس الشهيرة “الأوديسة”.

ملخص الرواية:

تدور أحداث الرواية في دبلن أو بالقرب منها في قالب زمني ليوم واحد، محدد بتاريخ (16 يونيو 1904). وللرواية ثلاث شخصيات محورية هي: ستيفن ديدالوس (بطل رواية صورة الفنان في شبابه) وليوبولد بلوم، مندوب إعلانات يهودي، وزوجته مولي؛ تناظرها على الترتيب شخصيات هوميروس: تليماك، ويوليسيس (أوديسيوس) وبينيولوبي . أما أحداث الرواية فتوازي الأحداث الرئيسة في رحلة أوديسيوس بعد حرب طروادة.  يبدأ الكتاب في الساعة الثامنة من صباح 16/يونيو في برج مارتيلو (بناء دفاعي في حقبة نابليون)، حيث يعيش ستيفن مع طالب الطب (بوك موليغان) وصديقه الإنجليزي هينز. يستعدون لبدء يومهم ثم يخرجون. يتسلم ستيفن -بعد تدريسه في مدرسة للبنين- راتبه من مدير المدرسة الجاهل والمعادي للسامية (السيد ديزي)، ويأخذ منه رسالة؛ طلب منه نشرها في صحيفتين. بعد ذلك يتجول ستيفن على الشاطئ، تائهًا في أفكاره. في صباح ذلك اليوم أيضًا، يقوم بلوم بإحضار وجبة الإفطار والبريد إلى زوجته مولي، الراقدة في سريرها؛ والتي تكون على موعد للقاء مدير حفلاتها السيد (بلازيس بويلان) في الساعة 4:00 بعد ظهر ذلك اليوم. يذهب بلوم إلى مكتب البريد لتلقي رسالة من امرأة كان على علاقة غير مشروعة معها، ثم يتجه إلى الصيدلية لطلب مستحضر غسول لمولي. في تمام الساعة 11:00 صباحاً يحضر بلوم جنازة بادي ديغنام برفقة سايمون ديدالوس ومارتن كننغهام وجاك باور. ثم يذهب بلوم إلى مكتب الصحيفة للتفاوض على نشر إعلان، ويوافق عليه الرئيس شريطة أن يستمر لمدة ثلاثة أشهر. يمضي بلوم للتحدث مع التاجر للاتفاق حول الإعلان في الوقت الذي يصل فيه ستيفن برسالة ديزي، ويوافق المحرر على نشرها. يعود بلوم باتفاق وضع الإعلان لمدة شهرين لكن المحرر يرفضه. ثم يخرج بلوم متجولًا في دبلن ويتوقف ليتحدث مع السيدة برين التي تخبره أن السيدة مينا بيرفوي تعاني آلام الولادة . في وقت لاحق يتناول شطيرة جبن مع كأس من النبيذ في حانة. وفي طريقه إلى المكتبة الوطنية يقابل بويلان ويدخلان إلى المتحف الوطني. في المكتبة الوطنية، يناقش ستيفن نظرياته حول شكسبير وهاملت مع الشاعر الايرلندي الملقب بـ AE ، وكاتب المقالة وأمين المكتبة السيد (جون إجلينتون)، وأمناء المكتبات الآخرين ريتشارد بست وتوماس ليستر. يصل بلوم باحثًا عن نسخة الإعلان الذي وضعه، ويظهر بوك الذي يمضي مع ستيفن إلى الحانة وكذلك يغادر بلوم. يلتقي سيمون ولينيه في حانة فندق أورموند، وبعد مدة من الزمن يصل بويلان، وقد رأى بلوم سيارة بويلان سابقًا وتبعها إلى الفندق، حيث كان يتناول العشاء مع ريتشي جولدينج. يغادر بويلان مع لينيه؛ في طريقه إلى موعده الغرامي مع مولي. وفيما بعد يذهب بلوم إلى حانة بارني كيرنان الصاخبة حيث سيقابل كننغهام من أجل تقديم مساعدة مالية لعائلة ديغنام وهناك يجد بلوم نفسه محط سخرية حيث يتعرّض للتهكم على نحوٍ لاذع، بسبب يهوديته. يدافع عن نفسه، حتى يخرجه كننغهام من الحانة. بعد زيارة عائلة ديغنام، يذهب بلوم بعد جولة قصيرة على الشاطئ، إلى مستشفى الولادة الوطني للاطمئنان على مينا. ثم يجد ستيفن والعديد من أصدقائه في حالة سكر، ينضم إليهم ويرافقهم إلى حانة بورك. وبعد أن تُغلق الحانة يتوجه ستيفن مع صديق له إلى ماخور بيلا كوهين. وهناك يجدهم بلوم. وقد بلغ السكر بستيفن حده حتى تسبب في كسر شمعدان مما جعل بيلا تهدد بأنها ستتصل بالشرطة، فيُسرع ستيفن بالخروج ويدخل في مشادة مع جندي بريطاني يوقعه أرضًا. ثم يأخذه بلوم إلى سكن سائق الأجرة لتناول الطعام والتحدث، وبعد منتصف الليل يتوجهان إلى منزل بلوم. هناك يقدم له بلوم الكاكاو الساخن، ويتحدثان. ثم يقترح عليه أن يمضي الليلة في منزله ولكن ستيفن يرفض، ويرافقه بلوم إلى الخارج. بعد ذلك يذهب بلوم إلى السرير مع مولي ويصف لها يومه ويطلب منها إحضار الإفطار إلى السرير.

الإرث الأدبي:

تومض تلميحات العمل العريق الذي يقدم دُعامة لـ “يوليسيس” أحيانًا، إلا أنها في أحيان أخرى تبدو وكأنما اُستخدمت على نحوٍ مثير للسخرية لعمل موازنة بين الأمور التافهة والسيئة التي تستهلك الكثير من وقت ستيفن وبلوم وتشتتهما باستمرار عن طموحاتهما وأهدافهما. يصف الكتاب أيضاً دبلن بكثير من التفاصيل، التي شُكك في الكثير منها. تكمن القوة الرئيسة لـ يوليسيس في عمق تصوير الشخصيات وحس الكوميديا، كما أن هذا الكتاب من أكثر الكتب شهرة في استخدامه لأسلوب المونولوج الداخلي في تصوير الأفكار المعروف بمصطلح تيار الوعي. وهكذا سعى جويس لخلق طرق يبدو الفكر فيها عشوائيًا لتوضيح أنه لا توجد إمكانية لإيجاد طريقة واحدة واضحة لعيش الحياة. من خلال ذلك فتح جويس طريقًا جديدًا لكتابة الرواية التي تحدد أن القواعد الأخلاقية التي نحاول أن نحكم بها حياتنا تقع دائماً تحت رحمة المواقف ومواجهة الصدف، بالإضافة إلى إعمال العقل. عُرض حلقات من يوليسيس في مجلة ذي ليتل ريفيو في المدة ما بين 1918 و 1920، وفي تلك المدة حُظر نشر المزيد من هذا الكتاب، حيث تعرّض العمل للشجب والاستنكار من قبل بعض الهيئات بوصفه من الأعمال البذيئة والفاحشة. ونُشر كاملًا لأول مرة في عام 1922 في باريس من قبل سيلفيا بيتش، صاحبة مكتبة شكسبير وشركاه. ومنذ ذلك الحين نشرت طبعات أخرى منه بحيث صار من الصعب الاتفاق على صحة أي منها. ففي الطبعة التي صدرت في عام 1984 صُححت حوالي 5000 خطأ ثابت نشأ عن تحوير محرري النص للنص الأصلي وبسبب إدخال مئات الأخطاء الجديدة.

يعد معظم المثقفين يوليسيس بمثابة أحد روائع فن الحداثة، في حين يعدها بعضٌ آخر نموذجا لحركة ما بعد الحداثة. ولعل أبرز من حلل وشرح “يوليسيس”  دون جيفورد (1988) في كتابه  Ulysses Annotated

ديفيد بونتر: أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة بريستول ، حيث يشغل منصب مدير الأبحاث في كلية الآداب. وقد نشر في الأدب الرومانسي على نحوٍ واسع وحول الكتابة المعاصرة والنظرية الأدبية ، وفي التحليل النفسي  بالإضافة إلى أربعة مجلدات من الشعر.

أظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى