كافكا الذي أعرف 5

بوصلة التيه


حجم الخط-+=

دعاء خليفة 

تلح عليَّ من أسبوع أو يزيد، فكرة التخفف من شعري، من طوله بالتحديد. أنا المفتونة بالحركة الفنية1 في الغرب التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية في الستينيات، وعاودت انتشارها مؤخراً في مواقع التواصل الاجتماعي في جيلنا هذا، دون أن أغفل عن وجودها في التراث الديني. وأنا أقلب بين أنواع القصات المتعددة للشعر القصير، وتزاحمني سلوى القيمة الروحانية مع الاحتفاظ بطوله -كما يطرحها علم المايكروبيوتيك- مع بقية الخيارات، انتبهت إلى أنها تترافق مع رغبتي في الحد عن امتصاص ما يحيط بي من كلا المحيطين، الواقعي والافتراضي. كما قد تترافق بالإضافة مع محاولتي الكوفمانية2 بإلغاء الذكريات. لذا، وفي وسط هذا التيه، تتسلل هذه الفكرة، تتعلق بنهاية جديلتي، وتُفلت منها ربطة الشعر. وما أرهقَ معايشةَ كلِّ هذا التيه؛ الاحتفاظ بشعري. 

وبدلاً من اللجوء إلى المقص، وجدتني أتفكر في ثيمة التيه عند كافكا. وحين يضيق كف يدي الصغير مع تسرب الأصدقاء، وعادات التغذية المتتالية، وشعري المتساقط، وقطرات نزيفي في الليل، وغيرها مما يسعى جاهداً لتذكيري بكياني المنتمي إلى الواقع- ترتخي قبضة كفي في الأخير مباعدةً لأصابعي كما لو تتفتح بتلات أظافري الشاحبة حد البياض، كاشفة عن اللا شيء مستكيناً على يدي. وأسعى جاهدةً رفقتها للتحقق بأني هنا، غير أني لا أفهم ما تعني “هنا”! يقول كافكا في قصته3.1 “بعيداً عن هنا/ في البعيد” حيث لا وجود للهنا أينما ذهبت، وهكذا تبدو تلك الرغبة الملحة للشخصية الرئيسة قريبة جداً لتلك التي عندي، ومنطقيةً مقارنة بطلاب الأدب والمشتغلين بكتاباته. أغوص إلى مكمن الرغبة محاولةً التخفيف عنه، وأهمس له ألا بأس علينا. يواصل بعدها دوره في القصة “في البعيد- حيث مقصدي.”

لا بد من توضيح سبب ترجمتي المزدوجة لهذا المصطلح الكافكاوي (Weg von hier)، فهو في النص الأصلي الألماني يأتي في بداية القصة افتراضا بمعنى (الطريق من هنا – the path from here)، وفي نهايتها، وبوجوده موصولاً بواصلة، يأتي (اسم مكان – noun) بحسب استنتاج خرجت به بتلر في محاضرتها4 مع أحد طلابها أثناء مناقشة القصة. لذا، أشعر أني البعيدة دوماً عن أحدهم، وكأن موقعهم في المكان أكثر مصداقيةً من وجودي خارجه. ومع ذهابنا لأبعد بقليل، فإن مصدر التيه برأيي يتولد من شعور خفي باللانتماء. يتضح هذا الأمر جلياً في قصة3.2 لكافكا تبدو في بدايتها كما لو ترسخ لوجود ذكريات تعين على الانتماء:

“ها أنا ذا قد عدتُ، عبرت عبر المدخل تحت القنطرة ملتفتاً من حولي حيث الفناء القديم لوالدي. البركة في المنتصف. أدوات قديمة، عديمة النفع، مختلطة بعضها ببعض تسد الطريق ناحية درج العلية. تتوارى القطعة على الدرابزين. قطعة قماش ممزقة، كانت تلتف ذات مرة حول عصا في لعبة، ترفرف في النسيم. لقد وصلت. من سيستقبلني؟ من ينتظر خلف باب المطبخ؟ يتصاعد الدخان من المدخنة؛ تعد القهوة للعشاء. هل تشعر بالانتماء؛ أنك في البيت؟ لا أدري. أشعر بالتباس غالباً”.

لكن القصة تنتهي، وهو بعد ما يزال واقفاً عند عتبة الباب. لا يقوى على الدخول؛ على الانتماء. 

في ورقة أدبية5 تطرح قضيتي الرحيل والتضحية في قصة النبي إبراهيم، وفي الجزء المختص بقضية الرحيل متضمنا أمرين هما قطع الصلة بالأرض والعشيرة، والنزوح إلى أرض كنعان، يتحدث هوبنوت عن إبراهيم بلانشو المتشكل من قبل كافكا على حد قوله بما كتبه بلانشو عن الليخليا: “إن كلمات نزوح، منفى، فضلاً عن الكلمات التي سمعها إبراهيم: «اذهب بعيداً عن موطنك، عن أقاربك، عن بيتك»، تحمل معنى ليس سلبياً. إذا كان من الضروري شد الرحال والتوهان، هل لأننا مقصيون عن الحقيقة، يكون قد حُكم علينا بالإقصاء الذي يحظر كل أماكن الإقامة؟ أليس من الأولى أن يكون معنى التوهان هذا هو علاقة جديدة مع «الحقيقي»؟ أليست أيضاً حركة البدو الرحل (حيث تُسجّل فكرة التقاسم والانفصال) لا تبدو حرمانا أبديا من الإقامة بل طريقةٌ مثلى للإقامة إقامة لا تربطنا بتعيين مكان ما، أو الثبوت بقرب واقع مؤسس سلفاً، واقع آمن ودائم؟ كما لو أن الحالة المستقرة هي بالضرورة هدف كل سلوك! كما لو أن الحقيقة في حد ذاتها هي بالضرورة حالة مستقرة.”5.1

ثم يواصل هوبنوت واصفاً إبراهيم بلانشو مع لحظة الإنتقال، وتبدل اسمه من إبرام إلى إبراهيم:”إن الحرف المضاف، ذاك الانتقال من إبرام إلى إبراهيم، هذه الهاء الصغيرة وهذه الياء الصغيرة المبثوثتان في قلب الاسم بالذات -والذي أجهل تماماً إذا كان ما أقوله هنا له معنى في اللغة العبرية- هو، كما قلت، في هذه الهاء الصغيرة التي تمزق الاسم العَلَم إلى قسمين، تقسم معنى الاسم العَلَم، لتجعل إبراهيم ينفتح حرفياً تجاه الآخر. هذا الحرف المضاف هو هبة الوجود. «اذهب لأجلك» نعم! يعني في نهاية المطاف «اذهب قصد نفسك «،» خذ معك مستقبل اسمك»، اذهب لمقابلة ذاك الذي ستكونه، في نهاية الرحيل، اعتدل واقفاً، دون عصاً (على عكس نوح)، اذهب إلى هناك، خارجاً، إلى مكان آخر، زمان آخر، مسيرة طويلة تقودك نحوك، وهذا يعني… انفتاحاً نحو الآخرين.”5.2

في محاضرة أخرى لبتلر6، تناولت بعض الأمثولات لكافكا التي كانت نهاياتها عصية عن النقد أو مجرد التأويل. بدا أن كتابة كافكا في هذا اللون السردي لا تفرض رؤية منطقية، فهي ليست بذات أهمية منفعية كما اعتدنا الأشياء أن تكون في واقعنا المعيش. تماماً كالقسم الثالث للموجودات عند الفيلسوف النمساوي أليكسيوس مينونغ حيث تلك الموجودات التي يمكن تخيلها فقط، دون القدرة على إدراجها ضمن المنطق أو حتى تجسيدها مادياً. حتى إن طالباً في محاضرة سابقة7، سأل أيكون كافكا مراجعاً لمعلومة معروفة كما لو أنها محض افتراض (proposition)؟

مع تكراري لقراءة حكاياه الرمزية، يبدو لي أن كافكا لا يكتب غير الأمثولة، فها أنت تبدأ بالقراءة له، وتلفك الحيرة مع الشخصية الرئيسة فتبهتُ أصواتُ من حولك وتنسى كيانك في المقهى. ثم تنتهي القصة بأسرع مما توقعت، وأنت بعد تركض في الحيرة. تعود أدراجك إلى السطر الأخير، وبعد أن تأخذ نفساً، تحاول البدء من جديد، ومع مشارفتك على الوصول تنتبه أنه لم يكن هنالك شريط نهاية، وما من أحد يسابقك. تقرر البدء من المنتصف قبل العودة إلى البداية، دون جدوى. ينحل رباط حذائك، ولا تجد القوة للانحناء وربطه. ثم تحين التفاتة من إحدى الشخصيات إيماءةَ امتنان لمشاركتها مأزق الحبكة، ثم تعاود محاولة الربط. ’أينا؟ تسألني. لست أكيدة حقاً، ’كلاكما، ربما!‘ أجيبك، وتكون أصابعك قد صنعت عقدة في موازاة مع تلك التي بالقصة، ثم تنتبه متأخراً لكوب القهوة أمامك، وقد صار بارداً. 

يتوازى هذا التيه الكافكاوي مع شيء لذلك الذي في الكتابة الإفريقية، التي تشترك مع كُتَّاب الأقلية في تحويرها للغة بما يتناسب مع سردها دون كبير رغبة في الانتماء للغة الأصيلة. فنجد ميمبي يشير في كتابه8 إلى ما أعلنه أندريه بريتون عن أن الحركة السريالية متصلة بالملونين (People of color)، وأن هناك تشابهات بين التفكير البدائي والتفكير السريالي، يهدفان بدورهما إلى إزالة هيمنة الوعي. وأن على المشروع أن يسافر عبر النهر8.2 إلى حيث تقبع المنابع التائهة. يمضي ميمبي موضحاً أنه من هذا المنظور: “مهد (النموذج الأسود) الطريق لنوع جديد من الكتابة، ذلك الذي كان يأمل بإعادة اكتشاف الميزة البربرية للغة وإحياء الكلمة. كان بالمستطاع وفقط عبر مرونة الاصطلاحات، اكتساب سعة اللغة.”8.1

علاوةً على ذلك، فإن سؤال الرحيل والوصول الذي يطرحه كافكا في عدد من قصصه، أطرحه على ذاتي مع كل رحيل ظاهري عن مدينة ما. فهل حين أرحل عن كوانتان مثلاً، أكون حقاً رحلت أم ربما للتو وصلتُ إليها، إلى جوهرها، وجوهر علاقتها بي حيث لا وجود للهويات، أمكنةً كانت أو كائنات. لذا لا يمكن حساب غير العلاقة التي تتخلق لحظياً بيننا ونحن في بسط المحايثة. أيكون الرحيل عن المكان الجغرافي رحيل دائماً. ثم ماذا عن الوصول، هل أعي ذلك حين أصل إلى مدينة العين أم أظل مراوحةً مكاني في المدينة السابقة، ولمّا أصل بعد. ثم هل نصل يوماً إلى مكان، أي مكان كان، أم أن أمر الوصول يغدو شبه مستحيل كما في كتابات كافكا، فشخصياته لا تصل إلى قرار قاطع، أو تحديد جازم للأسباب التي حركت حبكة الرواية، أو حتى فهم مستقر لكينونتها دون أن يطرأ عليها تحول ما مباغت لا يمهلنا فرصة التعرف إليها. فها هنا كذلك تدور الأحداث في البين، بعد أن كانت عند العتبة في القصة السابقة، ها هي ذي الآن في الرواق المزدحم. ومع ذكر الشخصية لانزعاجها من عجزها عن التخلص من أنها ليست في المكان الصحيح، تنتهي القصة دون وصول لأي باب حتى: “لذا إن لم تجد شيئاً في الأروقة، فلتفتحِ الأبواب. وإن لم تجد خلف هذه الأبواب شيئاً، فهنالك طوابق أكثر، وإن لم تجد شيئاً هناك في الأعلى، لا تقلق، فقط اصعد دوراً آخر من السلالم. فما دمت لا تتوقف عن الصعود، لن تنتهي السلالم. تزداد ارتفاعاً تحت قدميك الصاعدة.”3.3

في مثال أخير، تأتي هذه القصة3.4 بشخصية ترتكز في ظني على عذر واهٍ، يتمثل في اكتشاف الشخصية لتباين الزمن بين ساعة يده وساعة البرج، فيجدها سانحةً لأن يستفسر عن وجهته عند الشرطي: “… جعلني متردداً بشأن الوجهة… قلت له: ’نعم، بما إني لا أستطيع الاهتداء إلى الطريق بنفسي‘. قال لي: ’تخلَّ عنه! تخلَّ عنه!‘”

وكأنه يحثه على التخلي عن رغبته في التثبت من توهانه أكثر من رغبته في اللحاق بموعده. لكن كيف لمن اعتاد التيه حتى بات يماثل امتلاك قيمة في الحياة، أكثر من كونه مجرد ثيمة في الكتابة السردية أن يتخلى عنه زاهداً. تشرح البروفيسورة في المعمار والفلسفة، فريكوت، في ورقتها9 المتضمَنة بكتاب عن دولوز، كيف يكون تقبل الالتباس في الوجود أمراً حسناً: “إن أهمية العلاقة والتمييز بين الضوء الأبيض والألوان كلها تكون بالضبط لحظة الإدراك التي تحين مع عبور لون واحد لمنطقة وجودية، وأن هذا اللون مستقى مما تسمح به إمكانية الضوء الأبيض من بين جميع الألوان المحتملة المتحدة. وبذات الطريقة، إنه غير المجدي التركيز تماما على منجز لمحة من الضوء الأبيض للغبطة الروحية إن تخلينا عن الأمل في وجود ملون ومظلل. ما جدوى الغبطة الروحية، ما لم نعبر ظلال النوع الأول من المعرفة، والخيارات الممتدة بين الرمادي، والأبيض، والأسود للنوع الثاني من المعرفة، ذلك أنه لا تتأتى ما لم نختبر وجوديتنا بالذات هنا والآن (في دفق مستمر).”9.1

ثم تذهب في تناول مفهوم دولوز (Beatitude) كأنه شيء يمثل أوج كفاحنا الوجودي، ويُعد بذات الوقت مأوى من هذا الكفاح ومن المشاعر المحزنة والمفرحة، ذاكرةً أنه يمنحنا مكاناً محدوداً أو مأوى نؤدي من خلاله جل رحيلنا وعوداتنا الضرورية. “… لمن الضروري أن نسأل دوماً ما جدوى الغبطة الروحية ما لم تعد خلال منعطف النوع الأول من المعرفة، واختلاط الأجساد، وقابليتنا للتأثير والتأثر؟ يجد المرء نفسه إسبينوزياً بأخذه الدرب عبر الأنواع الثلاثة للمعرفة، والتي تشكل بحثاً تدريبياً حتى تكتشف أن المرء يَسهمُ سلفا في الغبطة الروحية. الإنتقال، كما يشير دولوز في فصله ’الغبطة الروحية‘، ’هو محض هيئة خارجية؛ في حين نجد في الحقيقة أنفسنا كما نحن بصورة مباشرة وأبدية في الرب‘ أو في الطبيعة، أو على بسط المحايثة الخالص. يؤكد دولوز في (سبينوزا: الفلسفة العملية)، أنها مسألة إعمال كيفية تشييد بسط المحايثة، أن تضعه في موضع استعداد لاستقبال المفاهيم. علاوةً على ذلك، يدل على أن تشيّد بذات الوقت كما لو يقطن أو يموضع المرء نفسه على هذا البسط، على أسلوب للعيش، أسلوب حياة. وبنحوٍ حاسم، لا يمنع هذا ضرورة السعي المتعلقة بالتعبير عن واستكشاف وجود أخلاقي-جمالي.”9.2

تبدو لي خواتيم كافكا كالسيمفونية الخامسة لبيتهوفن، حيث بالإضافة لطبيعة الموسيقى المتخطية (Skippy) هنا إذا ما أزلنا الإيقاع عنها، لا تسكن المقطوعة في نهايتها إلى النغمة النهائية (Home pitch) كما يشرح أستاذ الموسيقى10، وتتركنا مع شعور غير مشبع يبعث على التوق المضطرب. أو كما يقول تلميذه ساراماغو في الوثائقي: “أحيا قلقاً، وأكتب لكي أبعث في نفوسكم القلق.”11 وفي خضمِّ انهمامي بهذا التيه الوجودي، متناسيةً تربيتة دولوز المطمئنة على كتفي، يجاريني صديقي الشيزوفريني بهذه النسخة مني؛ هو العارف بأمر تعدد الشخصيات، ويسألني بنهاية حديثنا ما إن وصلت إلى اللا مكان. أجيبه بابتسامة، ويدور ببالي تساؤل عن ماهية اللا مكان، تراه كيف يكون.

 

  1. Minimalism (art movement).
  2. Charlie Kaufman (American screenwriter).
  3. The Complete Short Stories. Franz Kafka. Vintage Classics 2005.

3.1 The Departure. P. 481.

3.2 Home coming P. 477

 3.3 Advocates. P. 483

3.4 Give it Up! P. 489 

  1. Kafka and The Poetics of Non-Arrival lecture. Judith Butler. Faculty of the European Graduate School EGS, Department of Media and Communication Studies, Saas-Fee Switzerland Europe Program, 2011.
  2. Eric Hoppenot, Alain Milon. «EMMANUEL LEVINAS-MAURICE BLANCHOT, PENSER LA DIFFERENE», Presses universitaires de paris Nanterre, 2008, p 399-415. 

حضور إبراهيم لدى بلانشو وليفيناس. إيريك هوبنوت. تعريب: سعيد ماروك. مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، يوليو 2019.

  1. Kafka’s Parables and Paradoxes Lecture. Judith Butler. Faculty of the European Graduate School EGS, Department of Media and Communication Studies, Saas-Fee Switzerland Europe Program, 2011.
  2. How to read Kafka Lecture. Judith Butler. Faculty of the European Graduate School EGS, Department of Media and Communication Studies, Saas-Fee Switzerland Europe Program, 2011.
  3. Critique of Black Reason. Achille Mbembe. Translated by Laurent Dubois. Duke University Press. 2017.

8.1 P. 41

8.2 The Poetics of Bricolage: André Breton’s Theoretical Fables By Jacqueline Cbénieux-Gendron.

النهر المقصود هو الذي يرد في القصة التالية، رغم اعتقاد ميمبي أن مصدره قد يكون كذلك من رواية كونراد (Heart of Darkness): P. 68

  1. Gilles Deleuze: Image and Text. Eugene W. Holland, Daniel W. Smith and Charles J. Stivale. Continuum International Publishing Group 2009. 

On Finding Oneself Spinozist: Refuge, Beatitude and the Any-Space-Whatever. Hélène Frichot.

9.1 P. 258- 259

9.2  P. 261- 262.

  1. Listening to Music Course (MUSI 112). Professor Craig Wright. Yale University. Fall 2008.
  2. José and Pilar. Directed by Miguel Goncalves Mendes. 2010.
أظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى