رواية “نحتاج إلى أسماء جديدة”
بقلم نوفيوليت بولاوايو
ترجمة: بلقيس الكثيري
الكاتبة الزيمبابوية نوفيوليت بولاوايو المرشحة لجائزة الكتاب الأول في الغارديان لعام 2013، تعرض ملخصًا عن روايتها (نحتاج إلى أسماء جديدة) وتشرح السبب الذي ألهمها لتكتب هذه الرواية.
استلهمتُ شخصية بطلتي، دارلينغ، من صورة لطفل كان جالسًا على أنقاض منزله الذي دمرته الجرافات، تنفيذًا لعملية الإخلاء القسري (مورامباتسفينا) بأمر من حكومة زيمبابوي في أفريقيا، وهي حملة أقامتها الحكومة بحجة تنظيم المنطقة عام 2005، أدت إلى فقدان بعض الأشخاص لمنازلهم. عندما نظرتُ إلى تلك الصورة المؤرقة، ظلّت تطاردني وأصبحتُ مهووسة بالتفكير في المكان الذي سيذهب إليه هؤلاء الأشخاص؛ ما هي قصصهم، وكيف ستتغير تلك القصص بعد ما حدث – والأهم من ذلك، ماذا سيحدث للطفل الذي رأيته في الصورة الأولى. وبذلك أصبح مشروع كتابة هذه الرواية وسيلة أساسية لمعرفة ذلك. كانت خلفية الأحداث هي البلد في الوقت الذي كانت تتفكك فيه بسبب فشل القيادة. الشيء الآخر الذي ألهمني هو الأطفال؛ قناعاتهم التي يدافعون عنها، وبراءتهم، وقدرتهم على الصمود، وشعورهم بالإنسانية، وروح الدعابة، وماذا يمكن أن يقولوا عن عالمنا نحن الكبار. أعتقد أن هذه هي النقطة التي نحتاج فيها إلى رواية “نحتاج إلى أسماء جديدة” لتقوم بدورها في كشف ذلك.
نحن نعيش في وقت يصبح فيه العالم أصغر يومًا بعد يوم – ألقِ حجرًا في مكان مزدحم ستصيب به على الأرجح شخصًا؛ جاء من مكان ما، مهاجرًا من وطنه لسبب أو لآخر. أردت لهذه الرواية أن تعكس هذا الواقع، والسبب وراء عبور الحدود للوصول إلى الولايات المتحدة، حيث انتهى المطاف بدارلينغ. وطبعا أمريكا بحد ذاتها مصدر إلهام. ومن القصص التي تهمني قصة المهاجرين، ربما لأنني أعيش في هذا المحيط وبالأخص مدى صعوبة أوضاعهم، وضرورة التحدث عنهم – لما لذلك من تأثير على الشباب، الذين لا تُسمع أصواتهم. أردتُ أن يكون لدى دارلينغ صوت يتسم بالأهمية ويُسمع.
الملخص
هم لم يأتوا إلى الجنة (اسم على غير مسمى؛ فما هي إلا منطقة عشوائية تكدّس فيها الذين أخرجوا من منازلهم). مجيئهم يعني أنهم اختاروا المجيء. يعني أنهم نظروا أولًا إلى الشمس، وجلسوا… كزوا على أسنانهم ، وفكروا في القرار. يعني أنه كان لديهم الوقت الكافي للنظر في صورهم المنعكسة على المرايا الطويلة أمامهم، وربما لتسريح شعرهم، وشد أحزمتهم، والنظر في الساعات حول معصم كل منهم، قبل النظر في الطريق الأحمر أمامهم ليعلنوا أخيرًا: ها نحن مستعدون للذهاب الآن. لا لم يأتوا، لم يختاروا المجيء. هم فقط هكذا ظهروا.
ظهروا واحد بعد الآخر، ثم مثنى فثلاث. ومنهم من ظهر كمجموعة متتالية كالنمل، أو كسربٍ مثل الطيور. في موجات غاضبة مثل بحر هائج. كانوا يظهرون في الصباح الباكر، وفي مدة ما بعد الظهيرة، وفي جوف الليل. كانوا يظهرون بملابس يغطيها الغبار من منازلهم التي هُدمت، وأبتْ إلا أن تتشبث بشعرهم وجلودهم وملابسهم ، لتجعلهم يبدون وكأنهم جاءوا من حياة أخرى. ظهروا وهم يحملون صفائح القصدير، والكرتون، والبلاستيك، والمسامير وغيرها من الأشياء التي يحتاجونها ليبنوا منازلهم الجديدة. كانوا يتظاهرون بالهدوء وهم ينصبون بيوتهم من الصفيح، يثبتون صفيحة بأخرى… قطعة بأخرى، وينظرون بشجاعة إلى السماء ويقولون لبعضهم: حتى هنا… في هذا المكان الجديد الغريب لا تزال السماء هي نفسها، بنفس زرقتها المعتادة، فأل حسن بأن الأمور ستصبح أفضل. ظهر بعضهم وهم يحملون أطفالًا بين ذراعيهم، وآخرون يمسكون أطفالهم يدًا بيد. أما الأطفال فقد ظهروا حيارى، لا يفهمون ما كان يحدث. يمسك بهم آباؤهم، يقربونهم منهم، يضمونهم إلى صدورهم وينفضون عن رؤوسهم التراب، يمسدون بأيديهم المتصلبة رؤوسهم الشعثاء، يحاولون تعزيتهم، لكنهم في الحقيقة لا يجدون ما يقال. ثم شيئًا فشيئًا… استسلم الأطفال وتوقفوا عن طرح الأسئلة وبدوا فارغين، كأن طفولتهم قد ولّت وتركتهم ولم تترك خلفها سوى ظلها.
نوفيوليت بولاوايو في حديثها مع الغارديان.