الكاتبة الكينيّة خديجة عبد الله باجابر تتحدث عن فوزها بجائزة دار غرايوولف

كاري موغو، 9 أبريل نيسان 2018


حجم الخط-+=

ترجمة: صائل البحسنيّ

خديجة عبد الله باجابر، من مدينة مُمْباسه الكينية هي أول من يفوز بالجائزة الإفريقية التي تمنحها دار غرايوولف للنشر. وقد أعلن عن فوزها يوم الخميس، الخامس من أبريل نيسان، 2018، من قبل دار النشر المتخذة من مدينة مينيابوليس في أمريكا مقراً لها.

اختيرت الكاتبة الكينية الساكنة مدينة مُمباسه، خديجة عبد الله باجابر*، فائزةً أولى بجائزة دار غرايوولف للنشر المكرَّسة لإفريقيا. والجائزة تمنح على مخطوطِ روايةٍ أولى لكاتبٍ إفريقي أو كاتبة يقيم أو تقيم في المقام الأول على أرض إفريقية. وحسب دار غرايوولف للنشر فإن مخطوط الكاتبة باجابر، المعنون بـ The House Of Rust**، يحكي “قصة فتاة صغيرة ممباسية المولد تنطلق إلى البحر بحثاً عن أبيها الصيّاد يرافقها قطٌ ناطق”. مخطوطها الطموح، تضيف دار النشر “يمزج الحكايات الشعبية في ممباسه عهدَ ما بعد الاستقلال، مع قصة بلوغ تكبر خلالها البطلة من الطفولة إلى الرشد، قصة تواجه خلالها البطلة وحوشا في طريقها وعفاريت تنسل من ماضيها”. وإذ تواصلنا معها بالهاتف، وهي في ممباسه، فإن الكاتبة ذات السبعة والعشرين عاما تشعر بارتياع لفوزها الكبير. 

“إنه لشيءٌ يَروْعك جداً ويغمرك بالأحاسيس. إنني شاكرة وقلقة. يوجد في ممباسه، وفي كينيا، وفي أنحاء القارة، الكثير من الكتاب العظام. يوجد الكثير جداً مِمَّن هم قاصّون وروائيون رائعون، غير أنه لا تتاح لهم هذه الفرصة. وضعت ثقتي في عملي لكنني أتمنى أيضاً لو ينال آخرون الفرصة التي نلت”. 

في حوارها الحميميّ مع صحيفة إم.شيل، شاركتنا خديجة باجابر الحديث حول الإلهام الذي كان وراء مخطوطها، وكيف أن كلمات نْغوغي وا ثيونغو لا تني تقود عملَها، والرحلةَ التي تأمل أن تأخذ القراء فيها حين تُنشَر روايتها الأولى سنة 2020.

كيف علمتِ بأمر الجائزة؟

علمت بها من الإنترنت. لقد كانت في بالي قصة وقلت لنفسي إنَّ علي أن أنتهي منها. كان للتقديم على المسابقة مهلة تنتهي في تاريخ محدد، وكان لا بد أن أتقدم بهذه القصة. ما كنت أتوقع أن أفوز، لكني أملتُ أن يكون الفائز، أياً سيكون، كينيّاً. إنني أشعر بالتشريف أنَّ شخصاً قرأ عملي وأحس بصلة عاطفية معه. 

يحكي مخطوطك قصة فتاة تنطلق في رحلة بحثاً عن أبيها الصياد برفقة قط، كيف انبثقت هذه القصة؟ 

جاء العمل الذي تقدمت به إلى المسابقة من إحساسٍ بكوني سئمت من كتابتي أشياء ثم لا أكملها. وكانت تتكرر عندنا[في مُمباسه] انقطاعات التيار الكهربائي كثيراً. أذكر مرةً أنها انقطعتْ يومين. كان الوقت ليلاً، ولم يكن يأتينا الجو بهبة نسيم واحدة. قلت لنفسي سأعمل على قصة تتخذ من ممباسه مسرحاً لها وتبطنها مسحةٌ من خيال، وإذ كنت جالسة مع أمي وأختي في غرفة المعيشة، بادرتْ أمي تقول :”اروي لي قصة!”، وهكذا بدأتُ هذه القصة وأنا لا أعلم كيف كانت ستنتهي. غير أنني في تلك الليلة وضعتُ نهايتها. هكذا ظهرت “House of Rust”!

هل لك أن تتحدثي أكثر حول التأثير الذي تمارسه مُمباسه في كتابتك وفي هذه الرواية؟

أنا كينية من مُمباسه. والنحو الذي ينظر به أهل نيروبي*** إلى أهل ممباسه مفاده أننا متخلفون. وأنّ أقصى ما عسانا أن نقدمه هو الطعام وكرم الضيافة، غير أنه يوجد الكثير مما نستطيع تقديمه. إنني في كتابتي أتشبث بما عرفت، وبتجربتي مع ممباسه؛ مدينةٌ بأرض ساحلية عديدة الطبقات، ومع ذلك لا تزال تحضر خلال بعض الصور النمطية. إن كتابتي تأتي من الداخل، وإذا كان هناك أحد من الخارج تمتعه هذه الكتابات، فهذا أمر رائع. إنني أكتب للناس الذين يهمني أمرهم. 

ما الموضوعات التي تعاودك في عملك؟

إنني لا أركز على موضوعة بعينها، لكن تظل تتنزّل إليَّ أمورٌ من قبيل: قضايا الهوية، والانتماء، واستقلالية الإنسان بإزاء التزاماته تجاه العائلة أو المجتمع. كذلك تشريفك الموطن الذي انحدرتَ منه مع سعيك لنيل أشياء بطريقتك. 

هل لك أن تخبريني المزيد عن الكيف الذي به تؤثر هويتك في عملك؟ 

أنا، كما هو ظاهر، امرأةٌ مسلمة من كينيا، وأنا أفهم أن العالم معادٍ جداً لكثير من الأجزاء التي تؤلِّف هويتي. أنا لست بالمؤرخة، لقد درست الصحافة، ولو أني لا أمارسها. ما يهمني هو أن لا أسهم في محو ذلك أو في التغاضي عنه أو غفرانه. إنك تبحثين عن أناسك، وعن تاريخك، وعن بعض التبيين، في أي مكان- وتضطرين إلى أخذ ما يسعك الحصول عليه؛ على علاته. لقد ضقتُ ذرعاً. فما من أحد كان سيكتب قصصنا. كيف عساي أن أكتب فقط عن أراضي التلال والمستنقعات الإنجليزية والأماكن الخيالية وأنتظر شخصاً آتٍ من خارج مدينتي ليسيء تمثيل قومي؟ أريد الكتابة عن تلك الأماكن، لكنني لن أنتظر شخصاً ما ليكتب عن موطني. ربما سأقع في كثير من الأخطاء، لا عن سوء نية أو جهل متعمد، ولا عن كذب، لكنني أفضِّل أن أقع أنا في خطأ على أن أغضب حين يفعلها الآخرون بنا. إنني لا أسعى إلى أن أعجب القراء او أصدمهم بما أكتب، أو أن أثير زوبعة. ما يهمني هو ألَّا أكون قاسية عن عمد أو بالصدفة على الآخرين، أو أن أزيد في نبذ واغتراب مَن هم قيد النبذ والاغتراب أصلاً. 

ما تمنياتك لقراء هذا الكتاب؟

إنني أرغب في أخذهم في جولة، إذا كانوا سيتعلمون أمراً مفيداً! غير أننا لسنا في قاعة درس. لذا فليتسلَّوا أيضاً. ستعلمون إن كنا في قاعة الدرس، وسأُعْلِمُكم حين تبدأ الحصة. لكن كتابي هو ممباسه، وهو جولة. أتمنى أن تقعوا على ذلك. 

والآن وقد فزتِ بجائزة دار غرايوولف، ما أكثرُ ما تتطلعين إليه؟

يجب علي أن أتكلم مع كثير من الأشخاص من فريق دار غرايوولف للنشر، وهم أشخاص يعرفون الكثير عما يفعلون، وإنني لأشعر قليلاً شعورَ الطالبة المتحمسة. أبلغ من العمر سبعًا وعشرين سنة، وأشعر بقدر كبير من الحماس للتعلم من أولئك الذين يعرفون أكثر: من الفريق القانوني، والمحرِّرين، إلى المروّجين. لقد تعاملوا معي بكرمٍ جم وتعاونٍ كبير، وجعلوا من هذه العملية أمراً رائعاً. إنني أتطلع إلى الاشتغال على الكتاب معهم واستيعابِ أقصى ما يمكنني استيعابه.

كاري موغو:

كاري كاتبةٌ عاملة لدى صحيفة إم.شيل، سابقاً في مينيابوليس والآن في نيروبي. ولدت كاري موغو ونشأت في كينيا، وهي مواطنة عالمية بحق. وحين لا تكون مشغولة بالكتابة لِ إم.شيل، فإنها تواصل سعيها في تحقيق العدالة والمساواة للجميع، وذلك من خلال كتابتها ونشاطها المدني. 

* خديجة عبد الله باجابر: كاتبة سواحلية، تحديداً من ممباسه، كينيا، تكتب باللغة الإنجليزية. وهي من عائلة عربية حضرمية تشكل جزءاً من المجتمع العربي الحضرميّ والعمانيّ في بلدان شرق إفريقيا أو “السواحل”. فاز مخطوط روايتها الأولى “منزل الصدأ” سنة ٢٠١٨ بجائزة الأدب الروائي الإفريقي في دورتها الأولى، والتي تمنحها دار غرايوولف للنشر الأمريكية. كذلك فازت عن نفس روايتها بجائزة أورسولا ك. لو غوِن للأدب الروائي لسنة ٢٠٢٢ وأعلن فوزها بتاريخ ٢٢ تشرين الأول/ أكتوبر، وجاء في الإعلان كما أورد الموقع الإلكتروني للجائزة أن رواية باجابر “… مشهداً تلو المشهد تتبدى مشرقةً، موشَّاةَ النسجِ، خاليةً بالمطلق من الكليشيهات، لافتةً بما فيها من حكمة. إن للرواية بناءاً جريئا واستعمالها للغة شديد الجاذبية.”. المترجم

** The House of Rust: يمكن ترجمتها ب “بيتُ الصدأ” “البيتُ الصدِئ”،” بيتٌ بلون الصدأ”، “أوهنُ البيوت”… أو بغير ذلك، حسب ما يقتضيه اختيار المترجم الأدبي القائم على قراءة مدققة ومتمعنة لنص الرواية. المترجم

*** نيروبي عاصمة كينيا، وهي تختلف عن ممباسه كبرى مدن الساحل في جوانب كثيرة. المترجم

أظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى