الصوت الأخير 

قصة قصيرة 


حجم الخط-+=

بلدةٌ صغيرة على أطراف الساحل الغربي لأوروبا. كانت تستعد بكامل طاقتها ليوم الحسم، صبيحة التصويت في انتخابات البلدية. بلدةٌ هادئة، أغلب سكانها شِيب، وقد عاشوا من الدهر ما يكفيهم لتذكرهم أرق نسمةٍ في الحياة بقصةٍ ما. بيوتهم صغيرة متراصة، ذات طابقين في الأكثر، سقوف مدببة نحو السماء، ألوانها نضرة ومتنوعة بلا اعتبارٍ لما مر عليها من سنين. بيتٌ تتسم زواياه بالأخضر الجيري، والآخر بأخضر بحري، يتلاصق مع منزل أرجواني مائل للحمرة، يلتئم مع نظيره البني الذي يختمر بلون الكاكاو، ويلتحما ومنزل زهري يافع. حظرت قوانين البلدة البناء إلا على النظام النورماندي، لكن كان للسكّان مطلق الحرية في صبغ بيوتهم بأي لونٍ، وقتما يشاؤون وكيفما يريدون. وهذا ما دفع العديد من السكان لطلاء منازلهم دوريّا، حتى إنهم كانوا يتنافسون بينهم أيهم أكثر إشراقًا وإبداعًا وقبولًا. هي بلدةٌ ريفية تُرسم فيها الطرقات بين الغابات الكثيفة والأشجار السامقة، ومع ذلك فإن أغلب قاطنيها لم يشتغلوا في الزراعة، بل إنهم يجهلونها تمام الجهل، وقد حال بينهما توجس السكان من المسؤولية الرحيبة الملقاة على طرف المزارع. تشتهر المنطقة بتقطير العنب وتحويله إلى نبيذ، لا سيما النبيذ الوردي، فقد اقتنى إيزاك كودرسكو الآلات والمكابس اللازمة للتقطير، وصناعة النبيذ تيمنًا بالبلدات المجاورة. استقطب معظم أهل البلدة للعمل في مصنعه لقلة ساعات العمل مقارنةً بالوظائف الأخرى، وكان سخياً مع العمال، حتى إن أجرة الساعة في المصنع كانت تتخطى ضعف الحد الأدنى للأجور في البلاد. إيزاك، أو السيد إيزاك كما ينعته الجميع، ذو أصولٍ رومانية هاجر في شبابه إلى البلدة بحثًا عن حبيبته السابقة، لم يجدها لسوء حظه، ولكنه بقى في البلدة وعاش فيها حتى أصبح أحد أشهر الشخصيات فيها لحسن حظ السكان، ممن يرتزقون من كرمه. ومع أنه يعيش في البلدة منذ خمسة عقود تقريبًا فلم يعرف السكان مصدر ثرائه، وكثيرا ما تساءل الناس كيف استطاع جني هذا المال الوفير. يقول بعض الناس إنه كان يعمل مرشدًا سياحيًا في نورماندي ويعود إلى البلدة في العطلات، ويشيع آخرون أنه كان يدير شركةً للمراهنات وبعد ذلك تمكن من شرائها، أما أكثر الرواية غرابة عن ثرائه فهي أنه وجد كنزًا بجوار الكنيسة، إذ كان قد اعتاد العودة متأخرا إلى البيت، وفي إحدى ليالي الآحاد كان يسير بجوار الكنيسة، فخرج له القديس أوغسطين مزحزحًا أبواب الكنيسة العتيقة، وأمره بالدخول، فتبعه إيزاك حتى حمّله صندوقًا ضخمًا يغصُّ بالكنوز، ومعه مفتاح البلدة، حتى إنه ساعده في حمل الصندوق إلى المنزل. لم يؤكد تلك الرواية إلا أنطوان الأعمى، فقد ادعى أنه في ذاك اليوم كان يطل من نافذة غرفته، ينتظر الرياح السحرية التي ستعيد له بصره -كما أخبرته جدته- وأن الغشاوة انزاحت لحظاتٍ حين رأى نورًا زاهرًا يقترب من منزلهم، وشاهد السيد إيزاك يسير بجانب القديس أوغسطين، وهما يحملان الصندوق معا، ويتسامران، ولكنه لم يستطع سماع ما كانا يتمتمان به. وفجأة انطفأ بريق عينيه مرةً أخرى، ولم يعد بمقدوره النظر. ومع أنه ثرياً فلم يترك البلدة، بل كان منزله متواضعًا إذا ما قيس على ثرائه الفاحش، إذ لا يختلف كثيرًا عن باقي منازل السكان. قرر السيد إيزاك بعد ضغطٍ عاصف من الأهالي أن يرشح نفسه لانتخابات البلدية أولَ مرة، مع أنه لا يهوى السياسة ولا الاختلاط بالآخرين خارج إطار العمل. ومن الجائز أنه خضع أخيرًا بعدما تركته ابنته الوحيدة لتعيش في أمريكا مع زوجها، وأنه أحس بوحدة وجلة بعد فراقها، فقد رحلت زوجته منذ زمنٍ بعيد ولم يتزوج بعدها، وظل يعيش مع ابنته حتى أتمت عامها الثلاثين، وسئمت الحياة في كنفه، وآثرت الرحيل. تتردد العديد من نساء البلدة على منزل السيد إيزاك لخدمته والقيام بالأعمال المنزلية، وهو يكافئهم ويحسن إليهم دومًا، وهو ما يدفعهم على مواصلة العمل لديه. يعتقد أغلب السكان أنه أوفر المرشحين حظا في الظفر بمنصب العمدة الجديد. أما العمدة المحتملة الأخرى هي إيفيلين بوشار، سيدة ذكية يحبها الجميع، تلقت تعليمها الجامعي في المدينة وحصلت على إجازةٍ في الحقوق، ثم عادت للبلدة وافتتحت مكتبها للمحاماة، على أطراف البلدة. في واقع الأمر لم يسر عمل المكتب كما أريد له في البداية لندرة القضايا في البلدة. يتلقى المكتب بين الفينة والأخرى قضيةً للطلاق، أو توزيع الإرث، أو حتى في الخلافات بين الملاك والمستأجرين، لذلك كانت تذهب دوريا إلى  المدينة لتترافع في قضايا الطلاق، وهو ما كان يدر على إيفيلين دخلًا معقولًا يمكّنها من مزاولة مهنتها في تلك البلدة الصغيرة. إيفيلين سيدةٌ بيضاء، شعرها أشقر تتخلله بعض الأطراف الرمادية، ملامحها حادة، أنفها بارز ومحدب، وجنتاها منتصبتان كجناح عقابٍ يتأمل فريسته مرة أخيرة، ضئيلة الحجم، أينما وضعت خفّيها نشرت جاذبيةً وسحرا. تزوجت إيرين، التي تصغرها بعقدٍ ونيف، وتوسطت لها عند إيريس لتعمل نادلة في الحانة الوحيدة داخل البلدة. تعرفا إلى بعضهما بإحدى جولات إيفيلين في المدينة، وتقربا حتى أصبحا رفيقتين، وساعدتها إيفيلين في التخلص من زوجها السابق، ثم تزوجتها، واستطاعتا تبني طفلةٍ بعمر شهور، أطلقا عليها مالينا تيمنًا بآلهة الشمس. إيفيلين قارئة نهمة، تجيد تنظيم حياتها ما بين العمل والمنزل وممارسة الهوايات، كالصيد والقراءة ولعب البيتونك. تحمل معها دائمًا صورة لسيمون دو بوفوار الفيلسوفة النسوية الشهيرة، وفي خلفية مكتبها صورة زيتية، أما في المنزل هناك بورتريه ضخم بالفحم يتوسط واجهة غرفة المعيشة، وبلا شك تحفظ بعضًا من صورها على الهاتف النقال. ترشحت إيفيلين في الدورة السابقة أمام العمدة رينيه، ولم تحصل على سوى تسعة أصوات من أصل سبعة وسبعون، ذهبت غالبيتها لرينيه. لكن بعد انتهاء مدّتيه لم يعد بوسعه الترشح مرة أخرى، وهو ما دفع إيفيلين لخوض السباق من جديد. هي الوحيدة التي يهابها إيفان الرهيب في أثناء متسكع بلا مأوى ينام بجوار الكنيسة أملًا في أن يحصل على كنز القديس أوغسطين كما يخبر المارة. كان عسكريا سابقا، فقد أحد أطرافه في الحرب ضد الجماعات الانفصالية في ربوع إفريقيا، صرفت الدولة له مكافأةً كبيرة، ولكنه ضيعها في المقامرة ومطاردة النساء. يتسلّم معاشًا شهرياً دائمًا، ولكنه فضّل أن يحتضن زجاجة أرمانياك على أن يضطجع بمفرده أسفل سقفٍ متهالك، آثر السبات على مرمى السماء، فهو يخاف أن يقضي نحبه دون أن ينتبه مخلوق. سليط اللسان، تملأ الأحقاد قرنيته المشرّطة بخطوطٍ تشبه الرسومات التجريدية. وفي ذاك اليوم، وبينما تمر إيفيلين متجهةً لمكتب البلدية إذ تعثرت بإيفان يجلس نصف منتصبًا على أدراج الكنيسة، تبتسم له وتقول صباح الخير.

يرد إيفان وهو ينظر إليها ويؤدي التحية العسكرية صباح الخير يا سيدتي.

تسترسل إيفيلين باهتمام كيف حالك؟

يجيب إيفان وهو يرفع حاجبيه إلى السماء كما أنا، لم يتغير شيء.

تخبره في عجالةٍ يومٌ سعيد، اعذرني، يومٌ عصيب.

يشير إيفان إلى مبنى البلدية في الجهة المقابلة وهو يهمس إنه يومك، أنا قادم لانتخابك يا قائدة اللواء.

تبتسم إيفيلين وهي تتمالك أعصابها من شدة الضغط لعلنا نسمع خبرًا سعيدًا.

تبتعد عنه بخفة، وهو يضع جمجمته في منتصف صدره ويدلك رأسه حتى يفيق.

في اليوم الماضي اجتمع أهل البلدة في الكنيسة بعد الغداء، مراعاةً لطلب الأم ماريا تيريزا. إذ أخبرت الجميع أنهم سيعقدون جلسةً بشأن الانتخابات عقب الصلاة الوردية.

“يا مريم، يا والدة الرب، صلي لأجلنا نحن الخطأة، الآن وفي ساعة موتنا”.

بهذه الترنيمة اختتمت صلواتها، تدعو لأهل البلدة وهي ترفع مسبحتها الوردية صوب تمثال الرب. تبعها ولدها الكاهن توما، بعد أنّ قبل كلتا يديها (وهو ما يختلف عليه الكاثوليك، إذ يعتقد بعضهم أن تقبيل اليدين مرتبط بالسلطة الأعلى في الإكليروس، ويستدل الآخرون على أن المسيحي الحق يرجو نيل البركات من أيدي الأطهار والصالحين). كان شابًا يافعًا، سلك المسار الرهباني منذ الصغر، بعد أن أنجبته أمه اتجهت مباشرةً للرهبنة في دير الرضيع يسوع، وتركته عند خالته، وبعدما أتم ستة أعوام، أرسلته إلو دير القديس بطرس الرسول ليتلقى علومه الربانية وتعاليمه الروحية. كان ذا وجه جميل، صوته عذب، يجلجل بابتهالاته جنبات الكنيسة الشاهقة أسوارها. يا أبنائي وأخوتي.. إن الحياة تحمل من الآثام ما يكفيها، وتعلم عن العذاب ما يضنيها، ونحن بصلواتنا قادرون على إزاحة بعض خطاياها، فداءً للرب الذي فدانا وحفاظًا على كلمته التي حررتنا من شرور أنفسنا. قالها الكاهن توما من أعلى منبره الذي يتوسط القاعة، ثم نزل عبر الأدراج الخشبية المستديرة، وانتصب أمام الجموع المتراصة على الكراسي الخشبية. وأكملَ لست هنا للتحدث إليكم، بل لأسمعكم، ونتناقش فيما نرجوه لبلدتنا الطيبة. 

خرج صوتٌ أجش من بين الحضور. هل تسمحوا لي باستضافتكم في حانتي المتواضعة. كان إيريس صاحب الحانة. 

ردّ عليه بيير صاحب الحانوت المقابل للكنيسة وهل ستكفينا حانتك المتواضعة؟ بسخرية.

فأجاب إيريس مترددًا لا أعلم، ربما. 

واستطرد شارل موظف البلدية ليس لدينا ما هو أجمل من المكوث في ظلال الرب، لتحل علينا البركات.

وصلت إيفيلين متأخرة.. عمتم مساءً. وقد سمعت بعضًا مما دار من حديث وهي في طريقها إلى مجلسهم، فأردفت ما رأيكم في أن نجلس في الباحة الأمامية للكنيسة، وليجلب إيريس المقاعد والمشروبات من حانته، ومن لا يجد مقعدًا يمكنه الجلوس على الأدراج. وأكملت وأنت يا بيير بإمكانك إحضار بعض المقرمشات.

انفرج وجه بيير وأبلغها بكل سرور يا سيدة إيفيلين، ولدي أيضًا بعض من الفول السوداني الطازج قادمٌ إليكم من ساحل العاج إلى متجري المتواضع مباشرةً، وهو يرمق إيريس بنظراتٍ متهكمة.

فأشاع شارل بعينٍ يملؤها التبجيل إلى الكاهن ماذا ترى يا سيدي؟

توجه الكاهن ببصره إلى إيفيلين التي كانت تبادله النظرات، ثم قالً مبتسمًا فكرة جيدة.

انطلق الحضور بانسيابية كالنمل الذي يغادر مضجعه بحثًا عن الغذاء. جلس الكاهن توما على مرأى من الجميع في واجهة المجلس وبجانبه أمه، على يساره إيفيلين، وفي اليمين يمكث إيزاك، الذي أتى هو أيضًا بعد انتهاء الصلاة. وتوزع الباقون على الكراسي البلاستيكية التي أحضرها إيريس، وأدراج الكنيسة. جلب شارل مقعده القطني المبطن من داخل مكتبه في البلدية، وربض في كنف السيد إيزاك. جمعٌ غفير، يجلسون على شكل مجموعاتٍ صغيرة متفرقة. راج السائق الهندي وزوجته سونالي وابنتاهما كلير وكاميل. أناييس أمينة مكتبة البلدية والتي تهز رأسها باستمرار لإصابتها بمتلازمة توريت. عبد الله ساعي البريد وهو من أصولٍ سنغالية، وأبناؤه الأربعة سيكو وسيكا وسيكي ولامين الصغير، وهو الوحيد فيهم الذي لا يحق له التصويت، ولم تأت معهم زوجته فاتو وابنتهما ساليما، واللتان ستأتيان للتصويت في الغد. حضر الحاخام إلياهو في ردائه الأسود وقبعته السوداء ومعه زوجته شوشانا. فهمَّ إيزاك وقبل يديه بإجلال، ثم طلب من شارل أن يفسح له المقعد المجاور له، فتزحزح شارل وهو يقبض على كرسيه القطني. في الجهة المقابلة، جلست آن كلير صاحبة صالون التجميل، وهي في كامل تأنقها وتألقها، تبدو كصبية في العشرين مع أنها شارفت على السبعين. تجاورها سيمون التي تعمل لديها بشعرها الأحمر القصير. ومارتين صاحبة المنزل المظلم كما يطلق عليها سكان البلدة، لأنه لا تضيء المنزل إلا عشية عيد الميلاد. على مقربةٍ منهم هنري الجزار بشاربه الكبير الذي يشبه فرشة غسيل البلاط، وزوجته أنيت بجثتها الضخمة وابتسامتها البلهاء، والحلى المزورة حول رقبتها وكلا معصميها. يأتي باقي أهل البلدة من المسنين بمفردهم أو مع مرافق، ومن بين المرافقات حضرت نيكول، وتعمل عند السيدة إيزابيل، أقدم من سكن البلدة، فهي من نسل إيليوت سكوت، أو كما كانوا يلقبونه إيليوت الأيرلندي وهو من سكن القرية في مطلع القرن التاسع عشر. انضم إلى اليعاقبة إبان الثورة الفرنسية، وكان صديقًا شخصياً لجان بول مارا أحد أبرز رموز تلك الحقبة، وبعدما طالت الإعدامات الكثير من جماعته، هرب إلى الغابة واستوطن فيها. كان لنيكول حق التصويت مع أنها كانت من خارج البلدة، ولكنها تجاوزت خمس سنوات منذ بضعة أيام، وهو ما ينص عليه قانون التصويت، حين تتجاوز إقامتك خمس سنوات يحق لك التصويت، وقد كانت صديقة حميمة لإيفيلين بوشار، المرشحة الثانية في انتخابات البلدية.

هدوء.. من فضلكم! قالها شارل وهو يحاول تهدئة الحضور. بصفتي الموظف الأول في البلدية أخبركم أننا اجتمعنا اليوم لنعقد مناظرة بين المرشحين المحتملين لمنصب العمدة. السيد إيزاك كودورسكي والسيدة إيفيلين بوشار.

قاطعته نيكول ممتعضة. أي مناظرة يا سيد شارل. لم يخبرنا أحد عن ذلك. ثم استطردت. مثلما أخبرتنا الأم ماريا تريزا هي جلسة ودية لا غير.

رد شارل بابتسامة ماكرة نعم يا سيدة نيكول، هي مناظرة ودية لا غير. وأكمل. في البداية أود من حضراتكم التوقيع على هذه الاستمارة، والتي تعني أنكم شاركتم في الجلسة.

فأوقفته نيكول مجددًا، وما الغرض من ذلك؟

أجاب شارل بثقة، إجراءات لا أكثر.

إيريس من فضلك. احضر لنا طاولة صغيرة.

في الحال يا سيد شارل.

من فضلكم.. فليأتِ الحاضرين واحدًا تلو الأخر، ليوقع ثم يعود إلى مكانه.

توافد الجمع على السيد شارل وشرعوا في التوقيع، كانوا مطأطئين رؤوسهم كمثل الذين يهرعون لأخذ المساعدات الاجتماعية.

هدوء! لنبدأ الجلسة. في البداية أحب أن أشير أن بمقدوركم طرح الأسئلة بعد رفع الإصبع، من حقكم أن تسألوا كيفما شئتم ولكن في حدود اللياقة، عليكم احترام الدور، وإن سألت مرة وتريد أن تسأل مجددًا فعليك أن تأخذ دورا جديدا وتنتظر حتى يسأل الجميع. وبصفتي الموظف الأول في البلدية، ومنسق الجلسة ومقررها أبدأ. أيها السيدات والسادة من يريد أن يسأل أولًا؟

اقترب أنطوان الأعمى من المجلس وهو يضرب بعصاه الأرض الحجرية، وكأنما سيشقها كما شقّ البحر موسى. عمتم صباحًا. اعذروني لقد أتيت متأخرًا، فإنني كنت أع… 

قاطعه شارل لا عليك يا سيد أنطوان، تعال هنا لتوقِّع.

فسأله أنطوان أوقِّع علامَ؟ فأنا لم أحضر دفتر الشيكات معي. وأطلق ضحكةً بلهاء بفمٍ منفرج كمن يلتهم نصف ديك على دفعةٍ واحدة.

لم يرد شارل بسوى وقّع هنا، شكرًا. أجلسه يا إيريس. ثم أعاد التعليمات مرةً أخرى حتى يُعلم أنطوان ومن لم يكن منتبهًا من الجلوس. تفضلوا.. من يود أن يسأل؟

لوح أنطوان بيده بكل ثقة، تفاجأ شارل ولكنه قال له تفضل يا سيد أنطوان.

شكرًا، أود أن أسأل السيد بيير، هل أحضرت جُبن الراكليت، لقد أخبرتني أنك ستحضره اليوم. انطلقت الضحكات من كل الأنحاء، وكأنهم كانوا يترصدون لأي شيء حتى يتخلصوا من الرتابة المفروضة من قِبل السيد شارل.

هدوء! من فضلكم. وأردف شارل بوجهٍ كالح، وجّه أسئلتك إلى السيد إيزاك أو السيدة ايفيلين.

فرد أنطوان معذرة، لقد فهمت الآن. سؤالي إلى السيد إيزاك. هل بإمكانك أن تسأل بيير هل أحضر الجُبن؟ توالت الضحكات لجولةٍ ثانية، وصرخ شارل فيهم كما يصرخ العريف في الجنود. توقفوا عن الضحك حالًا، نحن لم نُعطكم وقتنا ومجهودنا لنلهو أو لنطلق النكات، عليكم أن تحترموا الجلسة يا حضرات. ثم وجّه حديثه إلى أنطوان بنبرةٍ أهدأ وأشد تحذيرًا. أنت آخر من أتيت يا سيد أنطوان وبصفتي الموظف الأول في البلدية ومنسق الجلسة ومقررها فأنت آخر من ستسأل. لم يعطه أنطوان اهتمامًا، ولكنه صمت وأشاح بوجهة نحو الأرض.

رفعت نيكول إصبعها وطلبت الحديث بأدب على غير عادتها، فهي تتعصب من أي شيء وكل شيء، ولا تأبه لأحدًا حيًا كان أو ميتا. سؤالي للسيد إيزاك. أتظن أن للرجل أدوارًا معينة يقوم بها تختلف عن أدوار المرأة؟ أم إن علينا في العالم الحديث المشاركة وتبادل الأدوار أحيانًا وتقبّل الأمور بمرونة وعقلانية، حتى يتسنى لنا العيش معًا متساوين؟ ما رأيك في المساواة بين المرأة والرجل؟

كان السيد إيزاك يهز رأسه بأناةٍ وهو يخفي خلف وجهة الرزين ابتسامة شيطانية. لم يجب مباشرةً، بل توقّف هنيهة وكأنه يستغرق في التفكير. إلا أنه بلا شك كان يحمل تصورًا سابقًا للإجابة عن هذا السؤال المتكرر من النسويات التائهات، كما اعتاد أن يسميهن. آنسة نيكول لقد خلقنا الرب من صنفين مختلفين، نوعين مغايرين، ولكل منا دور يؤديه. هل بإمكانك أن تجعلي الكلب يموء والقطة تنبح؟ إنها طبيعتنا وليس بمقدورنا تغييرها أو تبديلها، وإن حاولنا فعل ذلك فنحن نخالف كل الشرائع والقوانين. أجابها بحكمة وثقة، إنه يعلم جيدًا أن هذا ما سيود أغلب سكان البلدة سماعه.

ولكن يا سيد إيز… قاطعها شارل عفواً يا آنسة نيكول، لنعطِ الفرصة لباقي الحضور، وعليكِ أن تنتظري آخر الدور لتوجهي سؤالًا آخر. تشنجت نيكول، أنا أود إكمال سؤالي.

تدخّل السيد إيزاك عذرًا يا سيد شارل، دعها تكمل. فهزّ شارل رأسه. سيد إيزاك أنت تدرك بالطبع أن في العالم الحديث الكثير من التغيرات، وعلينا أن نواكبها وإلا سنتخلف عن المسار.

أجاب إيزاك نعم، علينا أن نواكب التطور في الصناعة والزراعة، أن نحضر ماكينات حديثة لتزيد الإنتاج، لا أن نحضر أعرافًا جديدة لنفسد بيئتنا وأسرتنا. صمتت نيكول وقد شابها بعض الإحباط، وهي تدرك في سريرتها بأنه لا فائدة من الجدال.

رفع عبد الله يده باستقامة، سؤالي للسيد إيزاك. هل تعلم يا سيدي بأنه في المدن الكبرى يحصل ساعي البريد على مرتبٍ وفير. إنه يحمل في تلك الحقيبة التي يمتطيها على كتفه الحياة للآخرين. إذًا لماذا أحصل على مرتبٍ قليل لا يكاد يكفيني وأسرتي؟

كان ينظر إليه السيد إيزاك باهتمام، فهو يعلم أن بحوزته ستة أصوات من أصل ثمانية وسبعون صوتًا. فأجابه نعم يا سيد عبد الله أنت محق، أقسم لك بكل شرف أنني سأكلّف السيد شارل بتولي تلك المهمة، وإرسال طلبك إلى مصلحة البريد في المدينة، وسيقومون بزيادة راتبك في أقرب فرصة. نخَّ السيد عبد الله كما تبرك البعير بعد ترحالٍ طويل، وشكره بصوتٍ خافت.

تعاقبت الأسئلة على السيد إيزاك دون أن يوجّه أحدهم كلمة إلى السيدة إيفيلين، التي بدت منكمشة ومستاءة من تلك المناظرة، التي أدركت أن الغرض منها هو فقط الاستهزاء بها، وعمل الدعاية اللازمة للسيد إيزاك، إنها هزيمة محدقة. كانت إيرين ترمقها بتعاطف لتهوّن عليها هذه المهزلة الواقعة. منهم من طلب مدينةً للملاهي كالتي في باريس، حتى يتسنى للأحفاد أن يمكثوا مدة أطول مع أجدادهم من سكان البلدة. ومنهم من اشتكى من الإضاءة الخافتة للطرقات، ومن يبتغي مركزًا لذوي الاحتياجات الخاصة، وبالطبع أجمع غالبيتهم على ضرورة زيادة المعاش الحكومي، وتحسين القطاع الصحي والخدمي للبلدة. ولكن أغرب ما تلفظ به السكان في تلك الجلسة، كان طلب السيدة أنيت ذات الجسد المملوء، والتي تمنت أن يساعدها السيد إيزاك في الاشتراك بالبرنامج التلفزيوني (مثلما أحب) وهو برنامج يساعد المشتركين في التخلص من الوزن الزائد. وبالفعل أجابها السيد إيزاك بأنه سيكلّف السيد شارل للتواصل مع البرنامج. وفي إثرها طلبت آن كلير أن تشارك في برنامج فيليب الشهير للمنوعات. لم ينبس الكاهن ببنت شفة ولا أمه ماريا تريزا، وكان الحاخام مغتبطًا من التفوق الواضح للسيد إيزاك. وحينما كانت إيفيلين غارقة في الإحباط والملل، قررت أناييس أمينة المكتبة أن تشارك في هذا المضمار المحسوم. عذرًا يا سادة.. قالتها بصوتٍ متلجلج متقطع وهي تهز رأسها كما جرت العادة، سؤالي للسيدة إيفيلين. كانت إيفيلن سارحة، تشيح بنظرها إلى احدى البنايات البعيدة. 

سيدة إيفيلن! قالت أناييس. وهنا انتبهت، نعم يا آنسة أناييس، تفضلي.

هل تظنين أنه من الأصلح أن يخدم المسنين مسنًا مثلهم، أو شابًا ليتمكن من مراعاتهم وتلبية احتياجاتهم؟ دوّت الكلمات كثريا تسقط من السقف في حفلةٍ للأرستقراطيين بأحد القصور الفاخرة. لم يصَب أحد سوى أصحاب القصر، الذين سيسعون جاهدين لطمأنة الضيوف وإعادة النشوة إليهم. ظنّ الجميع أن أناييس محض متلعثمة بلهاء تهز رأسها في كل صغيرة وكبيرة، إلا أنها أظهرت فطنةً بديعة.

أووه، سؤالك هامٌ جدًا يا سيدة أناييس، كان في نعتها سيدة من قبل إيفيلين تبجيلًا ماجدًا. أردفت إيفيلين في رأيي أن البلدة بحاجة إلى جهد غزير وتفرغ شبه كلّي، حتى يتسنى لنا حل كل المشاكل التي تواجه بلدتنا، ولعلمك أنني أعمل الآن على استصدار التراخيص لإصلاح أعمدة الإنارة، وترميم الكنيسة ومبنى البلدية، وإصلاح الطرق وعمل بلاليع جديدة لتصريف ماء المطر، وقد أخذت موافقة مبدئية من موظف كبير في المدينة لإنشاء مستوصف في أسرع وقت. أما مصنع تقطير العنب فسأعمل على تأسيس مصنع أو اثنين آخرين لندر دخلًا أكبر لبلدتنا الجميلة.

آه ما ألأمَ تلك السيدة إيفيلين! هذا ما كان بإمكانك أن تلمسه في عيون السيد شارل. 

تجهّم وجه الحاخام، وسارع بإطلاق سؤالًا محاولًا إنقاذ الموقف. سيدة إيفيلين ما الجدول الزمني لهذه المشروعات الخيالية؟ وهل بإمكانك تدبير المال اللازم لكل تلك المشروعات المكلّفة؟ أطلق الحاخام رصاصةً مع سبق الإصرار والترصد في عنق السيدة إيفيلين، ظنًا منه أنه يستدرجها لتقرّ بهزيمتها أمام مال وعلاقات وسطوة السيد إيزاك. ولكنها بدت كرصاصةٍ أفسدها الزمن، تضرب صاحبها قبل أن تخرج من فوهة المسدس. 

لقد أعددت ملفًا بالفعل وميزانية كاملة للمشروعات وسأرسله إلى المصرف الوطني لطلب القرض اللازم، وربما يفيض من المال لعمل مشروعاتٍ أخرى، في خلال عامين على أكثر تقدير ستسكن مدينتنا النجوم.

انقلبت الجلسة رأسًا على عقب، وبعد أن كانت إيفيلين راقدة في ظلال التهميش، صارت النجمة الأولى على المسرح. بدا على أهل البلدة القبول وظلوا يتهامسون فيما بينهم بمشروعات إيفيلن المزمعة، على الرغم من أن معظمهم محافظون متأنون في كل شيء، من أول ابتياع الخضروات وحتى احضار هدايا الميلاد، فقد أقنعتهم كلمات إيفيلين، وظلّ سؤال أناييس ينخر كالسوس في عقولهم.

بصفتي الموظف الأول في البلدية ومشرّع الجلسة ومقررها أعلن انتهاء الجلسة. سيبدأ الاقتراع في صبيحة الغد السبت، من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءً أو حين ينتهي الجميع من التصويت. إليكم تعليمات هامة يا سادة. ستجد في الورقة جدول فيه اسمان، أحدهم للسيد إيزاك كودرسكي، والآخر للسيدة إيفيلين بوشار. عليك أن تشير بعلامة صح على المرشح الذي تود انتخابه، لا يجوز الإشارة على الاسمين، حينها سيصبح الصوت باطلًا، ولا يجب كتابة أي ملاحظات على ورقة الانتخاب، أتوافقني الرأي يا سيد راج؟ 

أجابه راج بخجل، لأنه في الانتخابات الماضية ملأ الورقة بالشكوى عن متاعب الطريق والقيادة في المساء. اختلج الجمع في سكون حين ودّع بعضهم بعضا. قبضت إيرين على يد إيفيلين وهي تطمئنها بأن كل شيءٍ سيكون على ما يرام. كان الوحيد الذي تغيّب عن الجلسة هو إيفان الرهيب، لم يعرف أحدًا أين كان. فقد أقاموا الجلسة في مقامه أمام الكنيسة وتحت السماء.

توجهوا في الصباح إلى مقر البلدية للإدلاء بأصواتهم. ونظرًا للفضول القاتل حول معرفة الفائز، اتفق إيريس مع الناخبين أن يتجمعوا في حانته بعد التصويت، ويخبروه عن مرشحهم، ليقوم هو بالتوقيع على ورقة أقام فيها جدولًا مشابهًا لإيزاك وإيفيلين. استمروا في الحضور والتوقيع أسفل الاسم الذي انتخبوه، في جدول إيريس. عبد الله بتوقيعاته الستة مع إيزاك، راج وزوجته أيضًا، أما بناته فمع إيفيلين، ربما تصدق المقولة الشهيرة “النساء للنساء”، توالت الأصوات المؤيدة لإيفيلين، من آن كلير وسيمون ومارتين وأنيت والسيدة إيزابيل. يا لها من مفاجأة قد أعجبت الحضور، إنها لعبة تقرير المصير. ظلّ الأمر كذلك سجال بينهما، وكان أهل البلدة يتناقشون في أسباب اختيار المرشح. كان الحاخام وزوجته شوشانا هما آخر الحضور، وبلا أدنى شك أعلنا تأييدهما للسيد إيزاك. خرج إيريس وهو يحمل ورقته الموقّعة من الناخبين، وهو يصيح بصوتٍ جهوري سأقوم بالعد لنتمكن من معرفة الرابح قبل شارل الكسول، كانوا جميعًا يضحكون فهم يعلمون جيدًا أن إيريس يهاب شارل ويطيعه، ولكنه ينتظر أي فرصةٍ سانحة ليسخر منه في غيابه. واحد.. اثنين.. ثلاثة.. ثمانية وثلاثون.. تسعة وثلاثون صوتا للسيدة إيفيلين. واحد.. اثنين.. ثلاثة.. ثمانية وثلاثون.. تسعة وثلاثون صوتا للسيد إيزاك. يا للضربة الموجعة. يخرج الكاهن عن صمته الطويل، ويطلب من إيريس الورقة ليقوم هو بعدّ الأصوات. وبعدما انتهي أكد صحة ما أشاعه إيريس. 

تخرج إيفيلين من مبنى البلدية، وهي لا تعرف ما دار منذ لحظات. تجري عليها إيرين، إيفي حبيبتي لقد حصلتي على تسعة وثلاثون صوتًا، أنتما متعادلان وتبعتها صرخة أنثوية يعتريها صدق المشاعر والحب العذري. 

إذًا لننتظر حتى ينتهي السيد شارل من فرز الأصوات، ربما أخطأ أحدهم وأشار في خانة إيفيلن بالخطأ! قالها بيير بحنق. وافقه الحاخام وأردف هذا جائز. لم يخرج شارل من مبنى البلدية، ولم يبدأ حتى في فرز الأصوات. أما السيد إيزاك فلم يحضر أيضًا ليتلقى تلك الصفعة التي لم تكن في الحسبان. أمر الكاهنُ إيريسَ بأن يذهب ليحضر شارل، وعندما حضر أخبره الكاهن بأن يبدأ في الفرز.

رد شارل بعفوية ولكن يا أبتِ، هناك فرد لم يحضر بعد، لدي في القائمة تسعة وسبعون فردًا يحق لهم الانتخاب.

أجاب الكاهن بحيرة من هذا الشخص؟ أحسب أنني رأيت الجميع.

إنه إيفان إيتيان، أقصد إيفان الرهيب يا أبتِ.

ظلّ إيفان قابعًا أمام الكنيسة، وهو لا يعرف أنه من سيحدد العمدة الجديد. يا للمأساة البشرية!

حضر السيد إيزاك أخيرًا، خرج من سيارته وتوجه نحو الحاخام، وبعدما اطّلع على المستجدات بدأ غاضبًا.

ذهب السيد شارل إلى إيفان في مجلسه وأخبره بتهكّم عليك أن تحضر الآن لتصوت. لم يجب إيفان وبقى مكفهرًا تفوح منه رائحة الخمر والخضار النتن.

أعاد شارل الكرّة إيفان إننا ننتظرك لتقوم بالتصويت.

نظر له بطرف عينه وهو ممسكًا برأسه أنا! تنتظروني أنا!

نعم ننتظرك فأنت صاحب الصوت الأخير.

ماذا تعني هذه الكلمة؟ هل سأموت بعدها! قالها بسخريته المعهودة. واسترسل ما النتيجة حتى الآن؟

لا أعلم، يقولون إنهما متساويان، وأنت من ستحدد الرابح. في أول مرة لم ينحز شارل لسيده إيزاك، ليضمن موقعه في حالة حصول أحدهما على المنصب؟ أو لأنه اكتشف أن هناك ما يسمى الضمير؟ وهو يفرض عليه الحيادية.

سيد شارل اخبرني، لمن أوقّع؟

لك مطلق الحرية، وبصفتي الموظف الأول في البلدية لا يحق لي التصويت أو التأثير في الناخبين، إنها القوانين الفرنسية. أفاق إيفان قليلًا من غيبوبته المستدامة، وأحس ببعض النشوة المختلطة بهاجسٍ من المسؤولية، ونهض ليرافق السيد شارل. في طريقه إلى مقر الانتخاب، أحسّ بالجميع ينظرون إليه كمسيحٍ آخر سيخلص البشر من آلامهم. نظر إلى السيدة إيفيلين، وأدرك في عينيها بريقًا يحمل ثقةً وتفاؤلًا، فهي تعلم أنه يعشقها ولا يحترم سواها في البلدة. بدأ فرز الأصوات في الداخل، والجميع منتصبون في الخارج ينتظرون لحظة الحسم. خرج شارل مختالًا في مشيةٍ هتلرية، وهو يحمل ورقة اليانصيب في يده، ليزف الخبر السعيد للفائز الذي ستفتح له كل أبواب السُلطة والتقدير. كلهم مترقبون، وكأن الزمن كاد أن يتوقف. وحتى السيد إيزاك على الرغم من أعصابه المعهودة كان متوترًا، فقد شعر كالديك الذي يشيخ. كان الأمر في نظر صراعا شخصيا يحمل أبعادًا دينية واجتماعية واقتصادية، كيف تهزمه سيدة! لا سيما إيفيلين التي تمثل كل ما يثير اشمئزازه. وفي المقابل كانت ايفيلين تبتسم بين الفينة والأخرى برفقة إيرين ونيكول والسيدة إيزابيل، وهما تحاولان طمئنتها وتشجيعها على المسؤولية الجديدة الملقاة على عاتقها.

بصفتي الموظف الأول في البلدية أعلن نتيجة الانتخابات على منصب العمدة لبلدة ريزينفيل لسنة 2022، السيد إيزاك كودرسكو أربعون صوتًا، والسيدة إيفيلن بوشار تسعة وثلاثون صوتًا. هنيئا لكم ولنا بمستقبل أفضل.

 

أحمد صلاح الدين: قاص من مصر

أظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى