أفضل قصص ما بعد الحداثة القصيرة 

Interesting Literature 


حجم الخط-+=

ترجمة: إبتهال زيادة 

بزغ نجم ما بعد الحداثة في النصف الثاني من القرن العشرين. كما يوحي لنا الاسم، فقد حدثت هذه النقلة من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، جاءت تباعًا، بمعنى أنها تبعتها زمنيًا، وبمعنى آخر توسعت أهداف ما بعد الحداثة إلى نقد أهداف وتوجهات الحداثة. تميل خصائص خيال ما بعد الحداثة إلى ما يلي: “كسر الجدار الرابع” (أي تذكيرنا بأن ما نقرأه ليس سوى بناء خيالي، قصة ابتكرها كاتب لا أصل لها في الواقع)، والهدف من القص الما ورائي هو (تخيل قصص عن القصص، أو تعليق على سرد القصص)، وهو أسلوب من أساليب التلاعب اللغوي وتقنية من تقنيات سرد القصص.

أدناه، بعض المختارات المُقدمة عن أفضل قصص ما بعد الحداثة القصيرة التي تهدف إلى تفكيك شكل القصة القصيرة، باستخدام أسلوب القص الما ورائي والتلاعب تعليقًا على فعل سرد القصص نفسه.

بيير مينارد، مؤلف كيخوته – خورخي لويس بورخيس

قصة قصيرة للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس (1899-1986). كُتبت القصة، التي رواها صديق مينارد الخيالي على أنها سرد واقعي، يرى شخصية العنوان محاولًا كتابة رواية ميغيل دي ثيربانتس (دون كيخوته في القرن السابع عشر)، هو لم يُعِدْ كتابتها، بل كتبها كما لو أنها تُكتب أول مرة، كلمة بكلمة، دون نسخ النص الأصلي. كتبت هذه القصة ما بعد الحداثية ببراعة -وحس فكاهي عبثي- تثير بعض التساؤلات المحيرة حول عالم الأدب والقراء. تدعونا هذه القصة للتأمل في مدى تأثير معرفتنا بمؤلف العمل الأدبي وتاريخ نشر عمله الأدبي على تفاعلنا الدائم أو في الأقل على تفاعلنا ولو على نحو جزئي (خاصة عند معرفتنا بهذه التفاصيل).

السمندل – خوليو كورتاثر

السمندل قصة قصيرة للكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثر (1914-84). نشرت القصة ضمن مجموعة أعمال كورتاثر سنة 1956 “نهاية اللعبة وقصص أخرى”. يروي قصةَ السمندل (قتفذ البحر)، رجل وحيد اعتاد زيارة حديقة الحيوانات المحلية بانتظام، حيث تفتنه قنافذ البحر في حوض الأسماك. وبمرور الوقت، يقر الرجل بمشاعر الانتماء العميقة لتلك القنافذ كما لو أنه واحد منها!

القصة الخامسة – كلاريس ليسبكتور

القصة الخامسة هي قصة قصيرة نُشرت سنة 1964 للروائية وكاتبة القصة القصيرة البرازيلية الأوكرانية المولد كلاريس ليسبكتور (1920-1977). في هذه القصة، تصف الراوية كيفية إعدادها وصفة مكونة من السكر والدقيق والجص للقضاء على تفشي الصراصير. على الرغم من سخافة هذا الحدث فهو يوصف بخمس طرق مختلفة تتزايد معها أهمية القصة مع كل رواية جديدة تحكى بها. حتى إنَّ راويةَ ليسبكتور تبدأ قصتها بالاعتراف أن هذه القصة قد تحصد عددًا من العناوين المختلفة، حسب النسخة التي في متناول القارئ.

حديث مع أبي – غريس بيلي

نشرت القصة الأصلية في المجلة الأدبية the New American Review في سنة 1972 قبل أن يعاد طبعها في مجموعة القصص القصيرة لبيلي سنة 1974. تجري تغييرات هائلة في اللحظة الأخيرة في قصة حديث مع أبي، التي تدور أحداثها حول امرأة تزور والدها المسن، الذي يعاني من مرض القلب. ما يجعل من هذه القصة واحدة من قصص ما وراء القص ومن قصص ما بعد الحداثية هو مهنة الابنة: التي تعمل كاتبة لروايات لا تحظى بأي إقبال. تحكي الابنة لوالدها قصة لكنَّ نهاية هذه القصة لا ترضيه.

المدرسة – دونالد بارثيلمي

قد تكون المدرسة أشهر قصة قصيرة للكاتب الأمريكي دونالد بارثيلمي (1931-1989)، الذي صُنف عمله في بعض الأوقات على أنه من أعمال “ما بعد الحداثة” (تصنيف لم يرق له تمامًا، لكنه قبل به)، وفي أوقات على أنه من قصص “ما وراء الخيال” (تصنيفٌ لم يسعد به كثيرًا). نشرت قصة المدرسة في نيويوركر في سنة 1974، وهي قصة قصيرة عن الموت. تنتهي هذه القصة بموت الحيوانات والأطفال على التوالي بالمدرسة. يروي أحد المعلمين في المدرسة هذه الأحداث، وتنتهي القصة بمناقشة بين المعلم وتلاميذه حول معنى الحياة عندما تنقضي الأعمار ويقبل الموت المحتم. 

نهايات سعيدة – مارغريت أتوود

بالحديث عن الغايات والنهايات، إليكم مثال رائع لما وراء القص ما بعد الحداثي من أعمال الروائية والشاعرة وكاتبة القصة القصيرة الكندية مارغريت أتوود (مواليد 1939) التي تتناول نهايات القصص. في” النهايات السعيدة”، المنشورة في سنة 1983، نقرأ ست وقائع سرد بديلة تميز العلاقة بين رجل وامرأة. تدور معظم أحداث قصة أتوود حول تحديد السيناريوهات الستة المختلفة، تتضمن كل من هذه السيناريوهات العلاقة بين رجل وامرأة. ولكن مع تطور سرد القصة، تقتحم الكاتبة شخصياتها أكثر فأكثر، وتكسر “الجدار الرابع” لتذكيرنا بأنها هذه الشخصيات مجرد رموز وأن العناصر الموصوفة لا وجود لها في الواقع.

كيف تحكي قصة حرب حقيقية – تيم أوبراين

لا تولي العديد من قصص ما بعد الحداثة القصيرة اهتمامها الكبير بما تحمله القصة، لكن تولي اهتمامها لكيفية سردها. تيم أوبراين (مواليد 1946) كاتب أمريكي اشتهر بكتابه لسنة 1990 “الأشياء التي كانوا يحملونها”، مجموعة من القصص القصيرة المرتبطة حول تجارب المؤلف في حرب فيتنام. يستكشف الكاتب في “كيف تحكي قصة حرب حقيقية” المشاكل المتأصلة في محاولة لسرد قصة حقيقية عن حرب فيتنام.

اليرقة – ليديا ديفيس

هذه قصة قصيرة جدًا للكاتبة الأمريكية المعاصرة ليديا ديفيس (مواليد 1947). تدور أحداث القصة حول الذاكرة والتأمل وعن تغاضينا لتلك الصغائر التي نتغاضى عنها عادةً، تركز القصة على إمرأة تجد يرقةً في سريرها ذات صباح، ثم تسقطها أثناء محاولتها حملها إلى الطابق السفلي للخارج. يضفي عمل ليديا ديفيس طابع الحياة اليومية، دون الحاجة لإضفاء طابع الإثارة أو الميلودرامية على القصة، حيث تبرز الأهمية الكامنة والرمزية الموجودة في أصغر التفاصيل أو أكثرها يومية. في هذا الصدد، يحمل عملها تأثيره، تأثيره ليس مرتبطًا بما بعد الحداثة، بل بالحداثة: إذ يستدعي عملها (دون أن يكون مدينًا بمبالغة شديدة) لعمل فيرجينيا وولف “أثر على الحائط”.

الحصاد – إيمي همبل

في هذه القصة، تحاول الراوية، بعد تعرضها لحادث سيارة مروع، التصالح مع الحدث الصادم الذي ترك إحدى ساقيها متضررة ضررًا دائمًا. مع ذلك، تبدأ الراوية في النصف الثاني من القصة باعترافها بأنه كل ما قرأناه في النصف الأول من القصة لم يكن حقيقيًا.

مختصر تاريخي أساسي للحياة ما بعد الصناعية – ديفيد فوستر والاس

ختامها مسك مع قصة قصيرة جدًا لإحدى مختارات أفضل قصص ما بعد الحداثة. نشرت الأخيرة على “page zero” من مجموعة والاس 2000 مقابلات موجزة مع رجال مهووسين، تدور أحداث القصة حول كيفية تأثر دوافعنا السلوكية الناجمة عن توقنا لكسب حب الآخرين لنا.

أظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى