يفغيني يفتوشينكو- هل يرغب الروس بالحرب؟.. وقصيدة أخرى
اختيار وترجمة عن الروسية: عمران أبو عين
أقدم ها هنا ترجمة قصيدتين ليفغيني يفتوشينكو (1932- 2017)، شاعر وروائي سوفيتي، ولد في سيبيريا وتوفي في أوكلاهوما بالولايات المتحدة. القصيدة الأولى بعنوان “هل يرغب الروس في الحرب؟” والقصيدة الثانية بعنوان “ما زال ممكناً إنقاذ كل شيء”.
القصيدة الأولى:
هَلْ يرغبُ الرُّوسُ في الحَرْب؟
هَلْ يرغبُ الرُّوسُ في الحَرْب؟
اِسألُوا الصَّمْتَ عَنْ ذَلِك،
اِسألُوا السُّهُولَ المَحْروثَةَ
وشَجَرَ الحَوْرِ والبَتُولا
اِسألُوا أُولئِكَ الجُنُودَ،
الرَاقِدونَ تحتَ تِلكَ الأَشْجار
وَاترُكوا أَبناءَهُم يُخبروكُم..
أَيَرغَبُ الرُّوسُ في الحَرْب؟
**
ليسَ لأَجْلِ بَلَدِنَا فَقَط
هَلَكَ الجُنُودُ بِتِلْكَ الحَرْب
لكنْ، لِكي يَتمَكَّنَ كُلُّ سُكانِ الأَرض،
أَنْ يروا أَحْلامَاً سَعيدة
تحتَ حَفيفِ الأَوراقِ وصَوتِ المُلصَقات
هَل أَنتِ غَافيةٌ يا نيويورك؟ هَلْ أَنتِ غَافيةٌ باريس؟
لِتُجيبُكُم أَحْلامُكُم
أَيَرغَبُ الرُّوس في الحَرْب؟
**
نَعم، قَادِرونَ عَلى خَوضِ المَعَارِكِ
لكِنَّنَا لا نَرْغَبُ أَنْ يَحْدُثَ مُجَدَّداً
أَنْ يَسقُطَ الجُنُودُ في سَاحَةِ المَعركَة
على أَرْضِنا الحَزينَة…
اِسأَلُوا الأُمّهات،
اِسأَلُوا زَوجَتي!
وعِنْدَهَا، لا بُدَّ أَنَّكُم سَتفهَمُونَ…
أَيَرْغَبُ الرُّوسُ في الحَرب؟
(1961)
مُلاحظة : في المقطع الأوّل، عندمَا يَقول الشَاعر: اِسألُوا الصَّمْتَ عَنْ ذَلك.. إلخ، فَهُنا يَرسُم الشاعِرُ صُورةً للمَكانِ، فَهو كَأنَّهُ ينظرُ مِنْ أَعلى ويَلفّه الصَّمتُ ويَرى سُهولاً زراعيّة واسِعة بِشتى أصنافِ المَزروعات، فيقول: اِسألُوا السُّهُولَ المَحْروثَةَ الجَميلة!
ملاحظة: في المقطع الّذي يقول فيه: تَحتَ حَفيفِ الأوراقِ وصَوتِ المُلصقات، فَصوتُ المُلصقات: هي تِلكَ الأصوات الّتي تَأتي عِندمَا يُحَرِّك الهَواء تِلكَ الأَوراق أو الإعلانات المَوجودة في الطُّرُقَاتِ وعلى الأَعمِدَةِ.. إلخ بَعد أَنْ تَهترئَ قَليلاً فَيُصبِحُ لَها حَفيف مع كُلّ هَبّة هَواء!
القصيدة الثانية
ما زَال مُمكِناً إِنقَاذُ كُلِّ شَيء
ما زَال مُمكِناً إِنقَاذُ كُلِّ شَيء
تُدَمِّرُ النَميمةُ كُلَّ شَيء
مِثلَ رِيَاحٍ غَاضِبَة
ما زالَ مُمكِناً إِنقَاذُ كُلِّ شَيء،
في حَال التَّوَقُّف عَن تَتَبُّعِ النَمامِين!
**
ما زالَ مُمكِناً إِنقَاذُ كُلِّ شَيء…
عِشْنا بَعْضا لبَعْضٍ
لا تَترُكيني،
في أَيْدِي الغُرَبَاء!
**
ما زالَ مُمكِناً إِنقَاذُ كُلِّ شَيء..
مِثلَ الجَليدِ الرَقيق..
بَاركِ الحُبَّ،
كَطفلٍ صَغير!
**
نَتَعرَّضُ للإِغْواءِ في الطَّرِيق
إِغْواءٌ أَملَسُ كَأفعى!
مِنَ المُمكِنِ إِنقَاذُ كُلِّ شَيء..
لو كُنّا عُقلاء!
**
اللا مُبالاة لَيستْ انْتِقَاماً
الغَضَبُ يُحَطِّمُنا
مِنَ المُمكِنِ إِنقَاذُ كُلِّ شَيء..
لو عِشْنا معاً!
(2009)
مُلاحظة : في المقطع الثالث، يقولُ الشاعرُ: مِثلَ الجَليدِ الرَقيق.. إلخ، فهو كأنّما يقولُ إنَّ المُشكِلات صَغيرة ومَا زَالتْ بِأَوَّلِها، كَالجَليد في بِدايةِ تَشكُّلِهِ، لذلك، مَا زَال إِنقاذُ كُلِّ شَيءٍ!
ملاحظة: في المقطع الرابع، عندمَا يقولُ الشاعرُ: نَتَعرَّضُ للإِغْواءِ في الطَّرِيق.. إلخ، فكأنَّهُ يقولُ إنَّ الشخصَ يَتَعرَّضُ لشتى أنواعِ المُغْريَات في الطَّريق، وتَأتي بشكلٍ رَقيقٍ أَملَس، ويَختِمُ قَصيدتَهُ في المَقطع الأخيرِ بقولِهِ: … لو عِشنا معًا، فالظاهرُ أنَّ المَعنى يكونُ: لو كُنّا معا لأَمكَنَ تَجَنُّبُ كُلّ المُشكلات المَذكورة في القَصيدة!