الشاعر القتيل.. تيسير سبول
عمران أبو عين
نشرَ سليمان الأزرعي في عام 1984 كتابًا بعنوان “الشاعر القتيل.. تيسير سبول” من منشورات اتِّحاد الكتَّاب العرب. آخذ القارئ في هذه المقالة لأبرز ما جاء في الكتاب الذي تناولَ تفاصيل كلَّ قصةٍ وشعرٍ وعملٍ من أعمال الشاعر الراحل سبول.
تيسير سبول واحد من أدباء الأردن الذين فتحت أعينهم على حقبة مريرة من تاريخ شعوبنا حيث الهزائم العسكرية المتتالية، ابتداء من نكبة فلسطين، مروراً بما تلاها من الهزائم والمصائب المترتبة عليها، انتهاء بالحرب الأخيرة في تشرين 1973، التي جعلت تيسير سبول يدير ظهره وينكفئ على وجهه إلى الأبد حين سدد الرصاصة الى رأسه وودع الحياة. تجرع تيسير سبول كؤوس المرحلة حتى الثمالة، بأفراحها وأحزانها، يُخالجه إحساسٌ عميقٌ بجراح الإنسان العربي المأزوم المهزوم، وبصدق لا حدود له، كان يجلد نفسه قبل أن يجلد الآخرين، ويحمل أوزار الفرد وأوزار المجتمع. وبكلمة، لقد كان تيسير سبول صادقاً مع نفسه ومع الآخرين لدرجة الإيذاء، لقد امتاز بمواقفه المستقلة، ولم يُخضع يوماً قلمه لغير إرادته، ولم ينزل ميدان التسابق على التكسب والإثراء، فجاء أدبه أصيلاً مستقلاً نابعاً من روحه وعمق أحاسيسه. مات تيسير سبول قبل أن يُتمَّ النصف الأول من عقده الرابع، واقتصر إنتاجه المطبوع على روايته القصيرة “أنت منذ اليوم”، وديوانه الوحيد “أحزان صحراوية”، وأقاصيص كثيرة وبعض التراجم الشعرية والنثرية المنشورة في الصحف والمجلات. كما ترك بعض المخطوطات المماثلة وأهمها كتابه في الفكر القومي. عُرف عن تيسير محاسبته الشديدة لنفسه، ومن هنا عرف عنه ظاهرة الحرق لكثير من الأعمال الأدبية، ربما لعيبٍ يراه هو، وليس شرطاً أن يراه الآخرون. وباختصار فإن تيسير سبول لم يترك وراءه تراثاً أدبياً ضخماً إلا إنَّ تراثه هذا يظل على قلته مثالاً للأصالة والصدق والنقاء النابع من روحه مباشرة دون زيف أو مواربة، هذا التراث الذي يجد حسه الصادق بالفرح والألم الذي قتله أخيراً، وعاش سني حياته الأخيرة يغالبَه ولا يغلبه الى أن سقط في حبائل اليأس المطبق حتى فقدَ آخر أمل في الخلاص، خلاص الإنسان العربي فانتحر.
بيئة تيسير سبول ونشأته وشيء عن حياته وانتحاره
في مدينة “الطفيلة” الواقعة جنوب الأردن، ولد تيسير سبول في الثالث والعشرين من كانون الثاني/ يناير عام 1939، في بيت حجري ريفي الطراز، مرَّ على بنائه ثلاثة أرباع القرن، الابن الأصغر للفلاح “رزق سبول”، حيث تفتحت عينا تيسير في بيت يعج بالصبية والأزواج والحركة. في هذه البيئة شبَّ تيسير، وبدأت علامات الذكاء تظهر عليه منذ نعومة أظفاره، وكانت تحصيلاته المدرسية مؤشراً واضحاً ودليلاً صريحاً على ذكاء هذا الصبي. ترك سبول “الطفيلة” في عام 1951 بعد أن أنهى دراسته الابتدائية وارتحل إلى مدينة “الزرقاء” فأكمل دراسته الإعدادية بين تلامذة غرباء لم يكن له عهد بصحبتهم. ثم قصد بعدها العاصمة عمّان حيث واصل دراسته الثانوية في كلية الحسين، وقد أبدى ذكاء عالياً بين زملائه، واتضحت لديه الاتجاهات الأدبية التي ظهرت من خلال مشاركته بقصائد وأقاصيص قصيرة في مسابقات كانت تجريها الإذاعة الأردنية. نظم سبول وهو طالب في كلية الحسين قصيدة تمثل بداية حسِّه الوطني المتفائل المشتعل بالحماس. فبعد أن يطوف في قصيدته السواحل الفلسطينية مُعدداً مدنها الجميلة ومشهراً بجريمة الاحتلال يختتم قصيدته بقوله:
عادت خطاي ومن جديد
تهوى مطارقَ من حديد
وعلى الرؤوس… رؤوسهم
تلك المليئة بالصديد
ومضيت أزأرُ بالوعيد
كالموت كالقدر العنيد
سأعيدُ ماضي التليد..
لن أستكين إلى الذئاب..
وبرغم ما في القصيدة من سقطات فنية فإنها تبشر بشاعرية مبكرة وتنبئ عن نفسية مستبشرة متفائلة.
كتبت جريدة الرأي الأردنية في 16/11/1973 عن انتحاره تقول: “انتقل إلى جوار ربه في عمان أمس الزميل المرحوم تيسير سبول عن عمر يناهز الرابعة والثلاثين عاماً. كان تيسير سبول واحداً من رواد الحركة الأدبية الأردنية، شاعراً ومفكراً عمل جهده في سبيل حركة ثقافية وفكرية في الأردن… رحم الله الفقيد”.
سدد سبول رصاصة إلى رأسه وودع الحياة تاركاً وراءه قصيدته الوداعية التي عثر عليها معه بعد انتحاره، يقول في مطلعها:
أنا يا صديقي
أسير مع الوهم، أدري
أيممُ نحو تخوم النهاية
نبياً غريب الملامح أمضي إلى غير غاية
فسواء كان الموت جزءاً من الحياة وامتدادا لها أو إنه نهاية كل حي، فإن من حقنا السؤال: لماذا يستعجل بعضهم هذه التجربة قبل أوانها فيزهقون أرواحهم بأيديهم؟ ولماذا يوجهها بعضهم بلا خوف أو وجل؟ ولماذا يستعذبها بعضهم كأنها شيء رائع؟ من السهل أن نفهم موقف الشاعر البلغاري “نيكولاي فابتزاروف” حين رفض أن يعصب الفاشيون عينيه معلناً أنه لا يخاف مثل هذا الموت ومشدداً: إنَّ الذي يسقط في سبيل الحرية لا يموت… فالشاعر هنا لا يستعذب الموت لذاته، لأنه يناضل في الأساس ضد الموت بهذه الطريقة، ولا يمكن أن يعني موقفه هذا حباً للموتِ لذاته، وإنما يعني حبه للأشياء التي من أجلها يتقبل الموت راضياً… وإنْ كنا نفهم أبعاد ومعاني مثل هذه المواقف بسهولة فمن الصعب علينا أن نفهم مثلا معنى انتحار الشاعر المصري “أحمد العاصي” الذي قدم “أحمد شوقي” لديوانه بقوله:
ولتعلمن إذا السنون تطاولت ** إنَّ التشكي كان قبل أوانه
لقد سكب الشاعر على جسده مادة كاوية وظل يراقبها حتى وصلت الى قلبه. وترك وصيّة مختصرة: “إلى من يهمه أمري: جبان من يكره الموت، جبان من لا يرحب بهذا الملاك الطاهر، إنني أستعذب الموت الذي هو كالرائحة الذكية عندي”. يريد المنتحر هنا الموتَ لذاته، وهو عنده “أشهى ثمرة يقطفها كل راغب في السعادة”، وشتان بين انتحار الشاعر المصري “أحمد العاصي” والشاعر السوري “عبد الباسط الصوفي” مَن واجه الموت منتحراً تحت سماء “غينيا” المحرقة، واضعاً حداً نهائياً لآلامه التي كثيرا ما تحدث عنها بعد فشله في العثور على مملكته النقية: “إنني غريب. وليس هذا عالمي الذي أبحث عنه، لم أعد أستطيع التنفس بسهولة. خير لي أن أنتحر بسرعة من أن أنتحر ببطء، وأدفن حيا في أحشاء هذه المقاهي والحانات، إنَّ مملكتي ليست هذا العالم”.
قيلت الكثير من الآراء في موضوع انتحار تيسير سبول، وقد حاول بعضهم التماس أسباب انتحاره من خلال قراءاتهم في أعماله الأدبية والفكرية إلى جانب تتبع سيرته الحياتية فأخفق بعضهم، وهام بعضهم الآخر حول الحقيقة. وأجمعت الأكثرية ممن تناولوا انتحار سبول على أنه كان رفضاً واحتجاجاً صارخاً ضد المحيط والمجتمع والظروف. بوجيز القول إن سبول كان يفتقر إلى أيسر مقومات الأمن النفسي -إن صح التعبير- وفي وقت تعطلت فيه كل صمامات الأمان في هذه الشخصية فلا البيئة قادرة على تدعيم هذا الأمن بتلبية متطلبات هذه الشخصية، ولا الشخصية نفسها تُتقن التهادن مع البيئة وترحم نفسها بتخفيف العبء عنها. ليس خفيًا على أحد من الناس ذلك الانقلاب الواضح السريع الذي شهده الأردن والعالم العربي عامة في مطلع الخمسينيات، وعلى جميع الأصعدة الاجتماعية والسياسية والفكرية التي قلبت سمات المجتمعات العربية رأساً على عقب. عاصر سبول في مرحلة دراسته الجامعية المحدودة عددا من الانقلابات السياسية التي سجلتها روايته -في قطر عربي واحد- وكان سبول واحدا من ذلك الجيل الذي قدر له أن يعيش هذه الحقبة الحرجة، وهذا التغيير الشامل الذي ترتب عليه تغير الناس في أخلاقهم وشكل علاقاتهم الاجتماعية فيما بينهم بتغيير سمات مجتمعهم. عبَّر سبول عن رفضه للحياة الاستهلاكية التي تسربت لمجتمعنا على الطريقة الأمريكية في أقصوصة “هندي أحمر” ومواقف “سجينة” في تلك القصة. حمل سبول صدقه وتطرفه ومصدر شقوته متجولًا بها في المدن العربية والأردنية، فتعرف على النماذج المصنوعة الانتهازية السيئة التي تشكل إحدى خامات المدينة، وكان اكتشافه لهذه النماذج يمثل اللطمة القاسية لمثالياته، بل اللطمات المتلاحقة التي نالها في المدينة، وظلت ترده إلى الريف والصحراء والبداوة، حيث لا تصل الانتهازية والاتِّجار والخسة حداً تصبح معه المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار. كانت حرب حزيران 1967 من أكبر محطات الألم في رحلة سبول المحزنة، فتوقف عندها وتجرَّع الكأس مريرة محرقة حتى النهاية، فهي الصدمة الكهربائية التي تبعث الصحو حتى الجنون! فإذا به يستعيد حسابات الماضي، ويفحصها رقماً رقماً، ويقدم كشفاً جديداً بهذه الحسابات، بروايته الاحتجاجية “أنت منذ اليوم”، ثم يأتي أيلول 1970 بأحداثه الدامية فيبيتُ مذعوراً خائفاً يُطمئن نفسه تارة، ويستسلم لليأس تارة أخرى. ثم تأتي زيارته للضفة الغربية وإسرائيل عام 1972، وتعرفه على قدرة الاحتلال وتقدمه التقني في وجه المثقف العربي، فتضيف هذه الأمور تعزيزاً جديداً لمسوغات يأسه، ويتعزز قُبالة عينيه اللون الأسود من دون الألوان. ظهر خلل فلسفة سبول، وعدم قدرتها على فهم الحياة واستلهام الواقع عشية حرب تشرين 1973، حين اشتمَّ في تشرين رائحة من حزيران! وحسبَ سبول أنه يعيش يوم الفرح في تشرين، فتذكر قول “أم عربي” لا بد للحزينة من يوم تفرح به -من روايته أنت منذ اليوم- فكتب:
أدري بأني لو بكيتُ مصير شعبي
لو أعارتني ثكالى النوق حنجرة
سدًى
أُزجي لسيناء العجوز
نحيب شعبي لا صدى
عشرون ألف مقلة نقر العقاب
لا تهذَّ بالنصر الملفق إنني ابنك
خذ:
النور غاب
والليل أطبق
فليكن ليل وكان…
هذه قصة انتحار سبول بإيجاز، شابٌ ذكي عصبي المزاج حاد الطبع، حساس وطني ثوري، تطرفه وصدقه يجلبان له المُنغِّصاتِ الحياتية باستمرار، يتجول حاملاً أحلامه القومية العريضة، يحاول العثور على الموقع المناسب لتجسيدها فيفشل في أكثر من تجربة، تشكله النفسي يحول دون تصريف آلامه، تكبر معه آلامه وتتضخم، وتضيف الأحداث اليها في كل يوم جديداً، فتصل إلى حدٍّ لم تعد روحه قادرة معه على التحمل، ويصل إلى درجة الانهيار التام من الداخل، ولا يضل أمامه إلا أن يحشو مسدسه ويطلق الرصاص. هكذا تشكَّل سبول وساعدت الظروف أن يفلتَ بعد تشرين ولما استطاع أن يفلت في أي ظرف مشابه آخر.
إنتاجه الشعري والقصصي
كان الشعر أولى ممارسات تيسير سبول الأدبية، وقد بدأت تجاربه الشعرية الأولى منذ دراسته الإعدادية، ويلاحظ المتتبع لتجربة سبول الشعرية فارقاً شاسعاً بين الخلفية النفسية التي كتب بها قصائد “الديوان”، وكُتبت بها قصائده ومحاولاته الأولى. وحين تصور قصائد الديوان معاناة سبول المتألم المحزون المتشائم في أكثر الأحيان، فإن القصائد الأولى تمثل روحه المستبشرة المتفائلة الواثقة بانتصار قضية الإنسان العربي. يتألف ديوان سبول “أحزان صحراوية” من مائة وعشرين صفحة، ويحتوي على أربع وعشرين قصيدة بين مُطولة ومقطّعة، وقد أثبت سبول في نهاية بعض القصائد تاريخ نظمها، وبقي بعضها بلا تاريخ. يلاحظ الدارس لدى انتهائه من الديوان أن القصائد المؤرخة تدور في أكثرها عن الحزن واليأس والتشكي، فقد تغلغل الحزن في كيان شاعرنا حتى العظم، وفسد في جسده فاستحال “محض فكرة”:
كنت أعلم
أنَّ عيداً بعد عيدٍ بعد عيد
سوف تأتي ثم تمضي
وأنا أحرق تبغا
ونفايا ذكريات..
كنت أعلم
أنني ضيعت مأساتي وأني
مرة في العالم لم أقبض مسرة
أنني ما عدت أعصابا وعظما
صرت فكرة..
محض فكرة..
لقد نظم سبول قصائد ديوانه على طريقة الشعر الحر، ولا يعرف له عمل شعري واحد منظوم على الطريقة التقليدية، أي الشعر العمودي اللهم إلا “رباعيات الخيام المترجمة”. وقد جاءت قصائد سبول معتمدة على التفعيلة الواحدة كما هو معروف في الشعر الحديث. عكف سبول على ترجمة رباعيات الشاعر الفارسي “عمر الخيام”، ونشر منها ستا وعشرين رباعية -قبيل وفاته- في مجلة “الإذاعة والتلفزيون” وفي بعض الجرائد المحلية. واستند في ترجمته الرباعيات إلى نص الشاعر الإنجليزي ” فيتزجيرالد”، الذي ترجم للإنجليزية أول مرة خمسا وسبعين رباعية عام 1859، ثم اتبعها بترجمة مائة رباعية عام 1868. مات تيسير سبول ولم يترك وراءه من الأعمال القصصية المطبوعة سوى رواية “أنت منذ اليوم” وبعض القصص المنشورة وغير المنشورة مثل قصة “هندي أحمر” و”صياح الديك” و”الشيخ عصري”، وترجمة لقصة قصيرة بعنوان “الخطيئة” لإدوارد مكارثي، وهي في عشرين صفحة من القطع الكبير، ويبدو أن سبول قد فرغ من أعدادها للنشر، ولكن الموت قاطعه فظلت بين أوراقه.
كما قلنا من قبل، كان الشاعر سبول شديد المحاسبة لنفسه، لذا أتلف العديد من الأعمال الأدبية راجعها من حين لآخر، فإذا ما كشف فيها خلل عمدَ إلى اتلافها. كتب سبول رسالة لصديقه، صادق عبد الحق، يقول فيها: “الرواية اللعينة. كتبت وأعدتُ الكتابة، وكتبت مرة أخرى وللآن.. ها قد تجمع لدي مئة وخمسون صفحة فولسكاب دون جدوى ولا أدري إذا كنت سألقي بها في تنكة الزبالة…”. أكد شقيق الشاعر بأن اسم روايته هذه “التراب العقيم” وقد أحرقها الشاعر. وأكدت زوجة الشاعر سبول، مي يتيم، بأن زوجها كتب رواية بعنوان “الجسر”، ومسرحية بعنوان “أبو ذر الغفاري” تناول فيها شخصية هذا الصحابي بمزاج حضاري ورؤيا عصرية، كما أكدت أنَّ الشاعر ” أدونيس”، وهو زميل لتيسير سبول، قد اطَّلعَ على هذه المسرحية. أما في مجال المقالات الصحفية، فقد نشر سبول العديد من المقالات في الجرائد الأردنية معالجًا فيها موضوعات عدة، بعضها يمس حديث الساعة من قضايا سياسية وطنية وعالمية، وبعضها يدور حول ظواهر اجتماعية واقتصادية وغير ذلك من الأمور السلبية التي يعانيها المجتمع الأردني. وغالبا ما اعتمد سبول على منطقية القارئ في مقالاته، فهو ينتقل معه من المقدمات إلى النتائج، ويتدرج به من فكرة الى أخرى ليصل مقتنعا إلى الموقف الأخير والشكل النهائي للقضية. على سبيل المثال في مقالته “عميل لمن أنت؟ وإلا فأنت رجل مريب!” يكشف سبول عن منطق الهزيمة، والناس المهزومين الذين يفتشون عن تهمة لا بد منها، ليلبسوها لكل من طرح رأيا أو تبنّى موقفاً أو دافع عن قضية. وفي مجال التمثيلية المصورة، أعدَّ سبول بضع تمثيليات للتلفزيون الأردني أجيز بعض منها مثلاً تمثيلية “الله يرحمهم” و”الاختيار الصعب”. بالإضافة إلى مخطوط “جوهر العروبة” الذي كتبه الشاعر في سنة انتحاره، وهي دراسة عن الروح العربية ومقوماتها ورموزها، ويتألف المخطوط من مائة وخمسة عشر صفحة، يدور في مجمله حول العروبة والروح العربية. إنَّ أهمية هذا الكتاب أو المخطوط تعود لكون أول محاولة عربية من نوعها تتناول موضوع العروبة والروح العربية بعيداً عن أسلوب المقدمات والنتائج والاستدلال المنطقي. إذ يقوم فهم العروبة فيها على التجلي والاستلهام، والإدراك الشاعري الذي يعتمد على الفطرة الأصلية الكامنة في النفس العربية.