أربعة تغييراتٍ عقليةٍ يسيرة تمنحك عنايةً أفضل بنفسك
كيتلين شيلر
ترجمة: عبير علاو
ابدأ تغييرا أسعد وأقوى ومهيأ أكثر من أي وقتٍ مضى في حياتك لتكون بجانب من يحتاجون إليك بطلاً لهم – بما فيهم نفسك.
إذا كان هناك شيءٌ واحدٌ يمكن أن يتفق عليه معظمنا، فقد كان 2018 ممتلئًا بالتقلبات سواءٌ كانت للأفضل أو للأسوأ، ففي الأوقات العصيبة تكون القدرة على التضامن مع الآخرين واحتواء مشاعرهم سواءٌ كانت عاليةً أو منخفضةً هبةً جميلةً قد لا يتحلى بها الجميع، ولكن تلك الهبة ذاتها قد تجعلنا نشعر بالعجز أحيانًا أمام طوفان العواطف التي نستقبلها من الآخرين.
إن استعادة قوتك والبداية القوية التي يجب أن تخطوها في 2019 ليست بأمرٍ صعبٍ مثلما يظهر حينما تستحضره في خيالك، بل إن الأمر كله يبدأ من تغييراتٍ بسيطةٍ تدخلها على طريقة تفكيرك. يمكن أن تساعدك هذه التحولات الأربعة الصغيرةالتي تدخلها على سلوكك ونمط تفكيرك على أن تبدأ عامك الجديد أسعد وأقوى وأكثر استقرارًا، ومهيأ أكثر من أي وقتٍ مضى لتكون بجانب من يحتاجونك بطلاً لهم – بما فيهم نفسك.
1- أعد الترفيه لذاتك!
لقد عمل اليونانيون القدماء من أجل توفير الوقت للأشياء الجيدة في الحياة – أو skole، وفي الواقع كانت الكلمة الوحيدة التي استخدموها للعمل اليومي “scolia” أو “anti-leisure”، ولكن مع صعود ما يسمى بـ “العمل الإجمالي” في القرن العشرين والذي كان ضرورةً لإعادة بناء العالم بعد حربين عالميتين أصبح الترفيه كسلًا أو تساهلًا ذاتيًا. ربما يعد استقطاعنا وقتًا للترفيه أمرٌ غُرس تجنبه بداخلنا اجتماعيا، لكن يمكنك أن تعيد التعرف على شعور الترفيه شيئًا فشيئًا بدءًا من ممارسة لحظاتٍ فيما يسمى “الكسل الإبداعي” إذ تسمح الأنشطة الخاملة -تلك التي لا تستهدف أهدافاً بعينها- لعقلك بتغيير “تروسه” وبذلك يمكنك الاسترخاء وتوسيع آفاق تفكيرك، ابدأ بمهامٍ طائشةٍ مثل إدخال بيانات يومك أو تخصيص وقتٍ للعب، سواءٌ كانت لعبة فريسبي أو رسمٍ ما أو لعب الغميضة مع أقربائك الصغار أو أطفالك. يمكن لكلتا هاتين المهمتين اللتين تبدوان وكأنهما إضاعةً للوقت أن تساعد في تسهيل إعادة الترفيه لحياتك.
2- أعد التفكير في الحب!
يشرح ألان دي بوتون مؤلف “كتاب الحياة” أنه في الحب علينا أن نتخلى عن أوهامنا في الكمال دون جهدٍ وأن نكون راغبين في التعلم، كما يقدم عالم النفس والفيلسوف الاجتماعي الألماني الشهير إيريك فروم الحقيقة التكميلية الضرورية في كتابه “فن المحبة” فيقول: “إن الحب أمرٌ جيدٌ ولكن يجب أن نكون فيه مستعدون أيضًا للتعلم -وهي ممارسةٌ قد تأخذ الكثير من الانضباط والتركيز والصبر، ويمكنك غرس جميع هذه المهارات الأساسية الثلاثة للمحبة في داخلك من خلال ثلاثة تمارينٍ بسيطةٍ في الانضباط والتركيز والصبر:
الانضباط: انهض من السرير في ساعةٍ منتظمةٍ يوميا وقم بتخصيص وقتٍ معينٍ في الأنشطة التي تساعدك على النمو؛ مثل التأمل والقراءة والتمارين الرياضية.
التركيز: تعلم العزلة مع نفسك وأفكارك، حاول إغلاق عينيك وتخيل شاشةً بيضاء فارغة، خذ نفسًا، كن مع نفسك، تنفس مرة أخرى، نعلم أن التأمل ليس سهلاً لذا ربما الاشتراك في Headspace أو Calm قد يساعدك في هذا الأمر.
الصبر: لتعزيز الصبر جرِّب أن تتباطأ عن عمدٍ أثناء تفاعلاتك في حياتك اليومية سواءٌ كان ذلك في محادثةٍ ما أو أثناء تناولك الطعام، مثل أن تبدأ حوارك بهدوءٍ وتفكيرٍ عميقٍ وجملةٍ “بالحديث عن هذا الموضوع…”
3- تريث أثناء تناول الطعام!
من أجل مواكبة وتيرة حياتنا اليومية، نميل إلى تفضيل الطعام الذي يمكن تحضيره بسهولة، فبدلًا من أن نجلس لتناول الوجبة مع العائلة والأصدقاء، كثيرا ما نأكل وحيدين وبسرعةٍ وعادةً أثناء قيامنا بأمرٍ آخر، وهذا بالطبع يؤثر على أجسامنا، فمعدلات البدانة مرتفعةً وغالبا ما نخفق في إتخاذ القرارات الصحية لأنفسنا لكون الطعام السريع غالبًا ما يكون ممتلئًا بالسكر والدهون. لكن هذه العادات ليست مستعصيةً على الحل واستعادتنا لتوقد أنفسنا يبدأ من تعلم كيفية الأكل الصحيحة، ففي كتابه “مدح البطيء” يلاحظ كارل هونور أن الطهي وتناول الطعام ببطءٍ يمكن أن يكون وسيلةً رائعةً للاسترخاء، وشكلٌ عميق من أشكال التأمل، لذا في المرة القادمة التي ترغب فيها أن تتناول وجبة غدائك في مكتبك حتى تتمكن من العمل أثناء تناول الطعام، تذكر أنك أكثر أهميةً من وظيفتك وأنك تستحق وقتًا للاسترخاء؛ خذ غدائك إلى مقعد الحديقة بدلاً من ذلك، استمتع بالشمس الساطعة على وجهك، وتذوق كل مضغةٍ من طعامك اللذيذ.
- تنفّس!
أصبح الشعار البريطاني في زمن الحرب “Keep Calm and Carry On” اقتباسًا شائعًا على القمصان وأكواب القهوة وغيرها من الأشياء في السنوات الأخيرة، لكن كيف يمكنك الحفاظ على الهدوء في الواقع؟ الجواب في متناول يديك: مع تمارين التنفس البسيطة. إذ يمكن أن تساهم في إعادة توصيل جهازك العصبي وبناء قدرتك على الصمود في مواجهة الإجهاد، لذا عندما يأتي إليك عام 2019، تكون مستعدًا! يُطلق على تقنية التنفس التي لم تكن قد سمعت عنها التنفس البديل للتنفس alternate nostril breathing ، ويمكنك إيجادها في كتاب “مسار السعادة” لـ Emma Seppälä.
صدق أو لا تصدق، واحدٌ فقط من خياشيمك “يقوم بالفعل” بالتنفس على أساسٍ يومي، ولكن ممارسة هذه الطريقة والتنفس من كلا الخيشومين يزيد تدفق الهواء إلى أنفك، والمزيد من الهواء يعني تنفسًا أكثر سهولةً وأكثر هدوءًا، وبدوره يجعلك أكثر هدوءًا. لتجربة التنفس البديل للتنفس، حاول منع تدفق الهواء من إحدى فتحات الأنف واضغط عليها بيدك، ثم بدل بينهما وامنع تدفق الهواء من الفتحة الأخرى، هذا التمرين سيؤدي إلى زيادة تدفق الهواء خلال فتحة الأنف غير المغلقة وتدريبها على العمل بنحوٍ أفضل حتى تتمكن من التنفس وتكون على ما يرام.