آن برونتي – الدرب الضيق.. وقصيدة أخرى
ترجمة: مؤمن الوزان
آن برونتي روائية وشاعرة إنجليزية (1820-1849) لها روايتان هما أغنس غري ونزيلة قصر ويلدفيل وعشرات القصائد. ومع أنها عاشت حياة قصيرة فقد تركت إرثا أدبيا خلّدها مع أختيها شارلوت وإميلي برونتي.
الدرب الضيق
لا تُصدِّقْ أولئك القائلين
إنَّ دربَ العُلا ناعمُ الموطئ
حتى لا تتعثر في الطريق
وتذبل قبل أن تقطف الحقيقة
فهذا هو الطريق الوحيد
نحو ممالك البهجة
ومن يبحث عن المسكن المبارك
لا بد أن يوظِّف كل قواه
آمالٌ مشرقة وأفراحٌ نقيّة
في سيره قد تشعُّ
وهناك، وسطَ أوعر المرتفعات
أحلى الأزهار تبزغُ
من بين كل نسائمها المحمولة
لا تهب الأرض مثل هذه الأرائج
ومن لا يجرؤ على مسك الشوك
فلا يتوقنَّ أبد الدهر إلى الورد
سلِّح يمينك للقتال
وأزحْ عن كاهلك حملا لا طائل منه
ابصرْ في أحلك ساعات الليل
واشقَ في أرْمضِ ساعات النهار
حطِّم زهوك تحطيما
وإلا ستكون يوما فاتر الهمة
اسحقْ شهوة ثائرة سحقا
وإلا ستضع على ظهرك ثقلا
لا تسعَ خلف تشريف هنا
وتخلَّ عن المتعة والشهرة؛
فخوف العالم يهزأ بالمتهور الجسور
ويتركه قبالة أفزع وجه عبوس
أن تكدح وتحب
أن تسامح وتتحمل
أن تمنح للرب قلبك
وتبقي ضميرك نقيًا-
ليكن هدفَك الدائم
وأمَلَكَ وأولى بهجاتك
فما يهمُّ إن همسَ بالملامة امرؤ
أو استهانَ أو سخرَ؟
وما يهمُّ، إذا قَبِلَ الربُّ
وكنت في حنيّاتك
تشعر براحة حبه
وبشائر رضاه؟
شقاء النهاية
ظلامٌ مُفزعٌ يقتربُ
من عقلي الحائرِ
دعني أُعاني ولا آثمُ
وأُعذَّبُ بعد الاستسلامِ
رغمَ عالمِ الضبابِ الأعمى
ما يزالُ يتركني أنظرُ إليه
ويَمنحني الشجاعةَ لأقاومَ-
الشيطانَ حتى يهربَ
منهكةٌ أنا- امنحني القوةَ
ولا تتركني أغيبُ عن ذاتي
قُلْ بأنك في النهاية سلواي
واَشفقْ على شكواي
توسلتُ لخدمة قلبكَ وجسدكَ
للتضحية من أجلكَ
فكلي لكَ ولم أبخلْ بشيء عليكَ
تمنيتُ وسط الشجعان والأقوياء
أن تكمنَ مهمتي
وأكدحَ بين الحشدِ الساعي
بغاية ساميةٍ ورفيعة
لكنكَ جعلتها في مكان آخر
في مكانٍ آخرَ وبأفضل ترتيب
قُلتها بقلبي النازف
حين ألمَّ بيَّ أولُ كربٍ
لقد سلبتَ بهجتي
وأملَ حياتي
ودعوتني لأراقبَ الليلةَ المؤلمة
وأنتظرَ اليومَ الكئيبَ
البهجة والأمل كانا لكَ
أباركُ إقراضهما إياكَ
منحتُهما وهما لي
وأملكُ الشكر الجزيل
أيجب أن أشارك بفرحٍ البركاتِ
ولا أتحمل خسارتها
أم أتمنى ارتداء تاج الشهيد
وأُسمَّرَ على الصليب؟
لن أخسرَ الساعات المُنهكة هذه،
وأيام التعاسة المريرة هذه،
وليالي الظلام هذه، والخبز الكئيب
إذا استطعت تهييء قلبي عليها!
ضعيفة ومُتعبة رغم استلقائي
مُحطمة بالأسى، ومرتديةً الألم
قد أرفع عينيَّ إلى السماء
بكفاح ومشقة ولا أجني شيئًا؛
ذاك الصراع الداخلي مع الخطايا
ذاك الانتظار الدائم للمعاناة
ليضربَ أول الكائنات حيث تكون
بكلِّ مرض يُدمرها
ذاك الكدح السري لأجل التحمل
بصبر متواضع في كلِّ مصيبة
ولملمةِ الجَلَد من الألم
والأملِ والقداسةِ من الشقاء
لذا دعني أخدمُكَ بكل قلبي
بغض النظر عن قدري المكتوب
فيما لو كنتُ سأمضي مبكرًا
أو أنتظر هنيهةً مجددًا
إذا كنت ستُعيدني إلى الحياة
فأكثر تواضعًا يجب أن أكون
وأكثر حكمة، وأكثر قوة لأجل الصراع،
وأكثر ملائمة للانحناء إليكَ
الموتُ واقفٌ عند البوابة
ويجب أن أفي بوعدي
بكل قوة ولا يهم ما مصيري القادم
لذا دعني أخدمكَ الآن