رسالةٌ عن الحَسد – ديمتري ليخاتشوف
ترجمها عن الروسية: عمران أبو عين
لو أنَّ بَطل الأوزانِ الثقيلة حَطّم رقماً قياسيّاً هل ستحسده؟ ماذا لو كان لاعبُ جُمباز؟ ماذا لو كان الرَّقم القياسيّ في القفز في الماء؟ ابدأ بتسجيل كُلِّ ما تَعرفُه، أو ما يُمكنُ أن تَحسده، ستُلاحظ بأنّه كُلّما اقتربَ إلى وَظيفتك، تخصّصك، أو حياتك كان الحَسد أكبر. فهذا شبيهٌ بلعبة بارد/ ساخن، أسخنْ قليلاً، ساخنٌ جدّاً، يَحترق! وفي الأخير، تجدُ وأنت معصوبُ العينين الشيءَ المَخفي من قِبل اللاعبين الآخرين، هذا ما يَحدثُ في الحسد. كُلّما كان إنجازُ الآخرين قريباً من تخصُّصك، من اهتماماتك، ازداد خطرُ الاحتراق من الحَسد أكثر. الشُّعورُ المُرعِبُ للغيرةِ والحسدِ، يُعذِّبُ في المقامِ الأول نفسَ الحاسِد. الآن ستفهم كيفية التخلُّص من شعور الحسد المُؤلم طوّر ميولك الفرديّة، تفرَّد في المُحيط الّذي أنت فيه، كُن على طبيعتك، ولن تحسد أبداً. يتطوّر الحسد هُناك، عندما تكون غريباً عن نفسك. يتطوّر الحسدُ على نحوٍ كبير عندما لا تُميّز نفسك عن الآخرين، الحسدُ يعني أنّك لم تجدْ نفسك.
مُلاحظة: لعبةُ بارد/ ساخن هي أن يقوم شخصٌ بإخفاء شيءٍ ما، ويبدأُ شخصٌ آخر بالبحثِ عن هذا الشيء وهو مَعصوبُ العينين. تشيرُ كلمةُ بارد إلى ابتعاد مَعصوب العينين عن الشيء، وكُلّما اقترب من الهدف يبدأ الّذي اخفى الشيء بالقول ساخن، وهكذا حتّى يجد الشيء عندها يحترق!
ديمتري سيرجيفتش ليخاتشوف (1906-1999) ولد في مدينة سانت بطرسبرغ، عالِمٌ لغوي وبَاحِثٌ في الأدب الرّوسيّ القَديم. لليخاتشوف كتاب بعنوان “رسائل في الخير والجمال” مكوّن من عشرات الرسائل تحدث فيها الكاتب بشتى الموضوعات. ترجمنا هذه الرسالة “السفر” وهي الرسالة التاسعة والعشرون في الكتاب. وهذه الرّسالةُ “عن الحسد” هي الخامسة عشرة في الكتاب.